مايو 19, 2024

وليد غانم: كلنا شركاء
وجّه الدكتور عامر القوتلي، المختص بعلوم الأرض والعضو المؤسس لمبادرة الموارد والسلام، رسالةً مفتوحةً إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو جوتيريس بخصوص العدوان الجوي العنيف على منطقة حوض بردى، وتأثيره البيئي والجيولوجي الذي قد تمتد آثاره إلى دول الجوار، بسبب خصوصية هذه المنطقة من الناحية الجيولوجية.
وفي حوار لـ “كلنا شركاء” مع الدكتور القوتلي أكد على أهمية التوجه للأمم المتحدة بالمعطيات العلمية إلى جانب الاعتبارات الإنسانية بهدف لفت انتباه مؤسسات القرار لما لم يتم أخذه بعين الاعتبار وهذا من شأنه أن يدفع باتجاه القرار السليم وتلبية الضرورة الملحة والقصوى لحماية المدنيين وموارد المياه من القصف الجوي العنيف الذي بطريقه إلى إطلاق كارثة إقليمية.
ولدى سؤاله عن مدى الخطر الإقليمي المشار له في رسالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أكد أن حجم الكارثة البيئية المحتملة والناجمة عن القصف المستمر على وادي بردى ستكون كارثة إقليمية وعابرة للحدود السياسية، فالمنطقة المستهدفة من الناحية الجيولوجية و الهيدرولوجية تعد البيئة الحاضنة للمياه في جبال لبنان الشرقية الممتدة بين سوريا ولبنان ويصل مدى تأثيرها إلى الموارد المغذية لنهر الأردن.
وحول الأسباب العلمية والبراهين التي استند عليها في رسالته أوضح الدكتور القوتلي أن الطبقات الحاملة للمياه تعود للعصر الجيولوجي الجوراسي و الكريتاسي وهى عبارة عن صخور كربوناتية متصدعة من جهة ومعروفة بانتشار ظاهرة التكهف والجيوب الكارستية من جهة أخرى “أشد خطورة”. هذا بالإضافة الى تعقيد البنيات التكتونية المترابطة بالمنطقة كونها خاضعة لعبور انهدام البحر الميت ونظام الفوالق المشرقي ومعرضة إلى حدوث الهزات الأرضية بشكل دوري عبر تاريخها الجيولوجي.
كما يشدد العلماء على أن بيئة تتسم بهذه المواصفات والمعايير الدقيقة هي من أكثر البيئات حساسية في العالم ومن أكثرها أهمية من الناحية الهيدرولوجية والبيئية، ومن هنا تأتي أولوية حمايتها دوليا، بحسب القوتلي.
وحول تأثير القصف على سطح الأرض على طبقاتها الداخلية قال إن ربط المعطيات يفضي إلى حقيقة أننا أمام هشاشة ميكانيكية وهيدرولوجية فريدة مما يجعل البيئة الحاضنة لموارد المياه حساسة بشكل مفرط وقابلة للاستجابة بشكل سريع وسهل لكافة التغيرات العنيفة والمخربة التي تجري على السطح، بل سيكون لها ردود أفعال أضعاف مضاعفة في باطن الأرض وسنكون أمام كارثة بيئية نتيجة الانهيارات وفقدان الأراضي من جهة، وغوران كامل للمياه الجوفية حتى الاعماق السحيقة من جهة ثانية، كنتيجة لتخريب مخازنها الطبيعية في باطن الأرض جراء القصف.
كما أضاف أن الخطورة لا تقتصر على الانهيارات البنيوية المتوقعة بل ستترافق بسلسلة تطورات كارثية تفضي إلى تلوث المياه المتبقية التي ستنكشف على محيط جديد، بالإضافة الى إمكانية مكوث هذه الملوثات في باطن الأرض ومن ثم في مرحلة لاحقة سيتم انتقالها وتصديرها إقليميا، وبفترة زمنية كبيرة نسبيا.  تؤكد الحقائق العلمية الغير قابلة للشك على أن مجمل هذه الأضرار البيئية المحتملة التي ستنال من الأراضي والمياه الجوفية والمحيط البيئي والحيوي والمدني لن تكون قابلة للمعالجة وخارجة تماما عن السيطرة.
بالمحصلة وبناء على هذه الأسباب، توجه الدكتور القوتلي للأمم المتحدة وللرأي العام بهذه المعطيات والاعتبارات من أجل إلقاء الضوء على الضرورة الملحة والقصوى لمنع العوامل المتعمدة التي بطريقها إلى إطلاق كارثة بيئية إقليمية. على أمل أن تساهم الأمم المتحدة بإيجاد مقاربة معقولة لتجنب كارثة بيئية غير مسبوقة ومتعمدة.  فالغارات الجوية يمكن تفاديها بإيقافها، وبناء السلام ممكن دائما، ولذلك فان تدخل الأمم المتحدة لحماية المدنيين وأطفالهم، وحماية الأراضي وموارد المياه المهددة هي خطوة إلزامية من أجل حماية، صون، ونقل ثراء وتنوع هذه المنطقة لأجيال المستقبل.
وعن الخطوة التالية لهذا الحراك كجزء من مبادرة الموارد والسلام أكّد أن هذه الرسالة الموجهة للأمم المتحدة مفتوحة أمام العلماء والباحثين والمختصين والمعنيين لوضع تواقيعهم عليها وتشكيل مجموعة عمل لإدارة هذه الكارثة.
وختم حديثه بأن الواجب الوطني والمهني يدعو الى العمل المشترك وتحمل المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق الجميعً للحفاظ على هذا الإرث الطبيعي الذي بنيت عليه الحضارة منذ آلاف السنين.
نص الرسالة هنا
Open Letter to the Secretary-General of the United Nations




المصدر: في رسالةٍ وجّهها لهيئة الأمم… الدكتور عامر القوتلي يحذّر من كارثة بيئية جرّاء قصف وادي بردى

انشر الموضوع