مارس 29, 2024

كلنا شركاء: مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

كان الكوخ الفارغ الشيء الوحيد الذي تركه محمد*، بعد أن قرر بيع كل ما يملكه لشراء تذاكر سفر قادته وعائلته إلى عاصمة موريتانيا الهادئة، نواكشوط.

ويقول محمد الذي غطى وجهه العرق جراء حرارة الصحراء في منتصف النهار: “أردنا أن نجد السلام فقط. الحمد لله نحن نغادر مجدداً لبدء حياة جديدة!”

عائلة محمد هي من بين العديد من العائلات السورية التي أعيد توطينها من موريتانيا إلى فنلندا. وكمحمد، قطع مئات السوررين الذين فروا من الصراع في الوطن، مسافات طويلة للجوء إلى موريتانيا قبل أن تفرض الحكومة قيوداً على حصولهم على تأشيرات الدخول في أوائل عام 2016. ومع ذلك، يكافح الكثيرون حالياً لكسب المعيشة هنا بسبب عدم توفر فرص العمل والرعاية الصحية والفجوات في مجال التعليم.

وطلال هو واحد من بينهم. قبل الحرب، كان يعمل كمهندس في سوريا. وفي موريتانيا، يعمل كعامل مؤقت في أحد المطاعم. يقول بينما ينخفض صوته وتضيع نظرته: “المنزل الذي بنيته لعائلتي في حمص دُمر بالكامل”. وبالنسبة إلى عائلة طلال التي تتشارك أحد المباني الصغيرة في ضواحي نواكشوط مع عائلة سورية أخرى لتتمكن من دفع الإيجار، تُعتبر إعادة التوطين في فنلندا مصدر ارتياح كبير.

عبرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن قلق متزايد إزاء السوريين في موريتانيا.

وصرح محمد علواش، المتحدث باسم المفوضية، قائلاً: “السوريون اليائسون معرضون بشكل كبير لخطر محاولة الذهاب في رحلات محفوفة بالمخاطر على أمل الوصول إلى أوروبا، وقد يقعون بسهولة ضحية مهربي البشر هنا في منطقة الساحل. وفي العام الماضي في موريتانيا، تلقينا تقارير عن عبور عدد من العائلات السورية إلى شمال مالي المجاور غير المستقر بهدف الوصول إلى أوروبا عبر الطرق الصحراوية الأكثر خطراً. ولهذا السبب، وضعت المفوضية برنامج توعية لإطلاع السوريين على حقوقهم كلاجئين وتوفير المساعدة الأساسية لهم”.

مع غياب احتمال العودة إلى سوريا، تُعتبر إعادة التوطين في بلدان ثالثة أحياناً الحل الدائم الوحيد. وتقترب الحرب المميتة في سوريا حالياً من الذكرى المأساوية السادسة. وبالإضافة إلى مئات آلاف الأشخاص الذين شُوهوا أو قتلوا جراء المعارك، سعى 4.9 مليون شخص إلى اللجوء في البلدان المجاورة ونزح 6.3 مليون آخرين داخل الحدود السورية.

اعتاد أبو بشير، وهو رجل أعمال سابق وأب لأربعة أطفال، أن يسافر بين المغرب وسوريا ويبيع الفرش لمصنع في البلاد. ولكن بعد أن تدمر منزله في حلب جراء غارة جوية في عام 2013، لم يكن أمامه خيار سوى الفرار إلى نواكشوط مع عائلته. يقول وهو يحمل صورة لابنه البكر الذي يعاني من تشوه دماغي وصعوبات في التعلم: “يعاني جميع أطفالي من حالة وراثية لا يمكن معالجتها هنا”.

وعلى الرغم من خبرته ومعارفه في مجال التجارة، يعمل أبو بشير حالياً كتاجر أحذية بالتجزئة وهو يكافح لتلبية احتياجات عائلته. “نتلقى المساعدة الطبية والمدرسية على حد سواء للأطفال من المفوضية، لكن المشكلة هي أنهم يحتاجون إلى مساعدة خاصة لا يمكن أن نجدها في هذه البلاد. لقد أصبحت في العقد الخامس من العمر وليس لدي أي أمل. لكن مستقبلي هو أطفالي وعائلتي وكل ما أتمناه هو أن يتمكنوا من عيش حياة طبيعية”.

يأمل أبو بشير بإعادة توطين عائلته أيضاً. وفي الوقت نفسه، لن ينسى على الإطلاق شريان الحياة التي قدمته موريتانيا لهم في أسوأ حالاتهم.

عاش نديم، وهو والد سوري لأربعة أطفال وأخصائي مختبر، مع زوجته وأطفاله في حلب إلى أن أجبرتهم الحرب على الفرار في عام 2012. كان يعرف بعض الزملاء الذين هم بأمان في موريتانيا، لذا، وفي أكتوبر 2013، اتخذ نديم القرار الصعب وترك عائلته وسافر جواً إلى نواكشوط.

ويتذكر نديم قائلاً: “في البداية، كانت الأمور صعبة جداً هنا. فقد تركت عائلتي لأنني كنت أبحث لهم عن مكان آمن، لكنني لم أجد أي عمل هنا وكنت بعيداً كثيراً عن الوطن. وانقطعت الاتصالات بسبب الصراع لذا عشت في خوف من أن يصيب زوجتي وأطفالي مكروه. وكنت أبكي طيلة الوقت”.

وأخيراً، في عام 2014، أعيد لم شمل نديم مع عائلته، كما تمكن من إيجاد عمل في مركز صحي في موريتانيا. وبعد ذلك، تم تشخيص إصابة زوجته بورم في الثدي. “إن شاء الله ستجري العملية الجراحية في فنلندا”.

وأخيراً، مع الوعد بعيش حياة آمنة ومستقرة، يستطيع نديم التطلع إلى مستقبله مرة أخرى. ويقول: “أخبرني أحد المغنين في موريتانيا أنك تبكي عندما تصل إلى موريتانيا لكنك تبكي مرتين عندما تغادرها. ولا يمكنني أن أصف مشاعري حالياً وأنا أغادر أخيراً البلد الذي رحب بي في هذه الظروف الصعبة”.

“أعلم أن الطقس بارد جداً في فنلندا، لكننا لن نشعر بالبرد في بيئة نتمتع فيها بحقوقنا”.

*تم تغيير بعض الأسماء لأسباب تتعلق بالحماية.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك