أبريل 20, 2024

فريدريك هوف- عين على الشرق الأوسط- ترجمة محمود محمد العبي- كلنا شركاء
يُبرز نشاط روسيا الدبلوماسي في سوريا تكهنات بشأن استعداد الكرملين الممكن لتشجيع محادثات سلام حقيقية ولتحفيز تخطي حكم العائلة الفاسدة والوحشية وغير الكفء نحو شيء ما مستقر وشامل. إذا ثبت أن روسيا مهتمة حقاً في تحويل النجاح العسكري إلى تسوية سياسية مستدامة، ستكون موسكو على خلاف حاد مع إيران ومع نظام بشار الأسد. فهل حقاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استعداد لطي صفحة في سوريا؟ سيكون الاختبار الحقيقي لرؤية موسكو فيما إذا ينبغي في نهاية المطاف أن يعود حكم الأسد أو لا إلى المناطق المحررة من جماعة الدول الإسلامية.
أنقذت القوة الجوية الروسية والمقاتلون الأجانب الشيعة بقيادة إيران، بشار الأسد من الهزيمة العسكرية. حيث سمح التدخل عسكرياً في سوريا لبوتين بأن يقول لمواطنيه أن روسيا عادت كقوة عظمى؛ من خلال القول إن روسيا أحبطت الحملة الأمريكية المزعومة لتغيير النظام في سوريا. من ناحية أخرى، فقد دعمت إيران الأسد لأن الأسد وحده- في سوريا القومية- على استعداد ليكون خادماً لإيران بشأن جميع المسائل التي لها علاقة بحزب الله في لبنان: الذراع الإرهابية الطويلة للتغلغل الإيراني في العالم العربي.
بعد أن أنقذت الأسد ولكنها أعلنت نصراً عسكرياً، من الممكن أن تسأل روسيا نفسها الآن إذا كان الأسد عائقاً أمام مصالحها على المدى الطويل في سوريا. وستكون هذه المسألة شديدة الأهمية.
يدرك الكرملين مواطن ضعف النظام. وتعرف روسيا أن سوريا مستقرة – المكان الذي كان من الممكن أن يكون لها فيه قواعد عسكرية آمنة وعلاقات دفاع وتجارة مفيدة قوية- غير قابلة للتحقيق بوجود الأسد في سدة الحكم. عندما يتعلق الأمر بالمصالحة وإعادة الإعمار، اسم “الأسد” هو السم الخالص في سوريا وما وراءها. أي قد لا تكون مقاربة سوريا بكوريا الشمالية برئاسة قاتل جماعي شيئاً تسعى إليه روسيا على المدى الطويل.
لهذا السبب، من الناحية النظرية، قد تكون روسيا مهتمة في صيغة الانتقال السياسي التي تهمش تدريجياً الأسد، وتخول السلطة التنفيذية إلى حكومة وحدة وطنية. وفي كل الأحوال، لن تحقق إيران أي فائدة من هذا الطرح. وتعرف طهران أيضاً أنه من دون عائلة الأسد والحاشية، ليس هناك دائرة سورية تقبل التبعية لإيران وتقبل بوضع الدولة السورية تحت تصرف منظمة إرهابية لبنانية.
ويقول أشخاص سوريون معارضون مطلعون أنهم يسمعون من الروس أنهم يشعرون بالاشمئزاز من المليشيات الشيعية “المعفشة” الغير منضبطة التي استجلبتها إيران إلى سوريا. تُقدم هذه الميليشيات الشيعية – بما في ذلك حزب الله – أجندة إيران الطائفية وتحرض على ردة الفعل السنية المتطرفة. وتقول روسيا بأنهم الكيروسين على النار التي تريد روسيا إطفاءها.
يدعي ممثلو المعارضة أيضاً أنهم يجدون مصلحة روسية في مساعدتهم على فصل القوات الثورية الوطنية عن جبهة فتح الشام التابعة لتنظيم القاعدة (جبهة النصرة سابقاً). والشرط الأساسي للفصل هو وقف حقيقي لإطلاق النار. عندما يكون الوطنيون والمتطرفون تحت نار الأسد وإيران، ليس لديهم خيار سوى التعاون مع بعضهم البعض. وبالتالي يتطلب تمكين الفصل والتدمير النهائي لتنظيم القاعدة من روسيا الإبقاء على كبح نظام الأسد والميليشيات الشيعية. ولكن يريد النظام وإيران – خلافاً لروسيا – استهداف جميع المناهضين للأسد ويقدمونهم على أنهم إرهابيون: حتى أولئك الذين دعتهم موسكو مؤخراً الى أستانا في كازاخستان للحوار من أجل السلام.
لذلك: قد تكون لدى روسيا وإيران آراءً متضاربة حول مستقبل الأسد. ولكن هل هم حقاً كذلك؟ هل ستكون روسيا فعلاً مستعدة وقادرة على تحييد الوجود الإيراني السام في سوريا عن طريق إخراج الميليشيات الشيعية ومن ثم تهميش زمرة الأسد؟
إذا كانت روسيا قادرة وراغبة في القيام بذلك، من الواضح أنه سيكون لمصالحها الخاصة: سوريا مستقرة وموحدة في مصلحة موسكو بشكل مؤكد؛ لأن سوريا هي المكان الذي يمكن أن يجذب استثمارات إعادة الإعمار ولذلك المساعدة هناك حاجة ماسة. ما قد يريده بوتين من واشنطن هو التزام المساعدة في إعادة الإعمار عندما يتوفر حكم لائق من دون الأسد في سوريا. بطريقة أخرى، إذا أدرك بوتين أن صفحة الأسد وإيران يجب أن تُطوى من أجل مصالح روسيا، عندها بشكل واضح هناك حاجة لدافع جيوسياسي من واشنطن.
وبطبيعة الحال، سيبتعد الأسد وأسياده الإيرانيون إذا رأت روسيا بأنهم عقبات أمام سوريا التي تريدها موسكو. قد تكون قدرة الكرملين في تحييد مدمرات الدولة السورية محدودة. ولكن هل تريد روسيا حتى أن تفعل ذلك؟
من المرجح أن سوريا المركزية والشرقية ستجيب. حيث تهدف الولايات المتحدة إلى تحرير هذه المناطق في سوريا من تنظيم داعش الإرهابي. ولكن إذا طالبت روسيا أن يستعيد حكم الأسد المناطق المحررة من داعش- إذا رغبت موسكو في إعادة فرض الممارسات الخاطئة في الحكم التي جعلت سوريا آمنة لداعش في المقام الأول – فمن الواضح أنها تريد الأسد وإيران أن يسيطروا على سوريا إلى أجل غير مسمى، بغض النظر عن العواقب.
تثير التكهنات حول الشقاق بين روسيا وإيران بشأن الأسد الاهتمام. وسيتم العثور على الحقيقة من خلال رؤية موسكو من ينبغي أن يخلف داعش. واشنطن متفرغة الآن في استنباط تلك الرؤية وفي الإجابة على السؤال.
الموقع: عين على الشرق الأوسط
بقلم: فريدريك وولف
تاريخ النشر: 8 شباط 2017
ترجمة: محمود محمد العبي
الرابط:
http://www.defensenews.com/articles/russia-and-iran-split-over-syria


المصدر: فريدريك هوف : سيبتعد بشار الأسد وأسياده الإيرانيون إذا رأت روسيا بأنهم عقبات أمام سوريا

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك