مايو 12, 2024

تقول مختصة نفسية إن الشتائم تلعب بالنسبة للكبار دورا في الحد من مشاعر الخوف وفي التعبير عن الغضب وحتى الشجاعة، ولكنها تبقى سلوكا خاطئا. وتطالب بالتوقف عن استخدام الألفاظ النابية خاصة، لأنها ستؤثر على سلوكيات الأطفال لاحقا.

كييف- إلى جانب صور الاستعداد للمقاومة وتحدّي الهجوم الروسي، يتداول الأوكرانيون ملصقا ساخرا هو الأكثر رواجا حاليا، ويظهر جنديين روسيين، يسأل أحدهما “دخلنا إلى أوكرانيا، فماذا سنفعل الآن؟”، ويجيب الآخر “سنفكر كيف سنخرج منها”.

وفي أوكرانيا وروسيا معا، تقول إحدى النكات الأخرى -مشيرة إلى العقوبات الغربية على موسكو- “قيصر روسيا بطرس الأكبر فتح نافذة على أوروبا، ورئيس روسيا فلاديمير بوتين أغلق النافذة. يكفي تهوية…”.

وتنتشر في أوكرانيا نكات وصور كاريكاتيرية ساخرة، يحمل كثير منها إساءة للرئيس الروسي، لا سيما أن كثير من الأوكرانيين يعتبرون أن الحرب الدائرة هي حربه الشخصية على بلادهم، حتى إن بعضهم يسميه “بوتلر” نسبة إلى الزعيم النازي “هتلر”.

متظاهرون يشاركون في مظاهرة ضد الحرب على أوكرانيا ويشبهون الرئيس الروسي بهتلر (رويترز)

بوتين والغرب أيضا

وبدون خوض في البذيئة منها، تنتشر نكات وصور ساخرة من الواضح أن هدفها بث الأمل في النفوس، والتهوين من قدرة روسيا على السيطرة على أوكرانيا.

وتصور إحداها بوتين على أنه شخصية الساحر الشرير “اللورد فولدمورت” في رواية وفيلم “هاري بوتر”، بينما تقدم صورة أخرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أنه “هاري بوتر” نفسه، مع وشم بحرف “زد” (Z) على جبهته، نسبة إلى الحرف المنتشر على الآليات الروسية المشاركة في الحرب.

ورغم كل ما اتخذه من إجراءات وقدمه من دعم للبلاد، تسخر بعض الصور والمنشورات من ضعف موقف الغرب، خاصة فيما يتعلق بمعارضة فرض حظر جوي فوق أوكرانيا.

وتضم إحدى هذه الصور مجموعة كبيرة من المجتمعين حول عامل يقول بالحفر، ومكتوب عليها “كل العالم يتفرج، وينظّر على أوكرانيا وكيف ستتصرف مع روسيا”.

لتخفيف قسوة الحرب

وفي بعض المواقف والكثير من النكات الساخرة، وفي عبارات السباب والشتيمة القاسية، التي يتبادلونها في حياة الملاجئ وأثناء النزوح والمخاطرة بالهروب من الحرب، وجد الأوكرانيون -على ما يبدو- ما يخفف عنهم قسوة المعارك وآثارها المدمرة.

والأكيد أن الحرب الروسية على أوكرانيا كسرت حاجز المألوف وما كان عيبا كبيرا ومحرّما قبلها، فباتت بعض الشتائم القاسية “شعارات” -إن صح التعبير- تتردد علنا على ألسنة المسؤولين في تصريحاتهم لوسائل الإعلام، والعامة في أحاديثهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل وتطبيقات الدردشة.

وتحتل هذه “الشعارات” الفضاء العام في أوكرانيا، بدءا من شاشات التلفزة، مرورا باللوحات الإعلانية على الطرقات، وتطبيقات الهاتف المحمول، وحتى الملابس والبطاقات البنكية الإلكترونية.

Polish Border Towns Receive Mass Influx Of Ukrainians Fleeing Russian Armed Invasion
يحاول الأوكرانيون التخفيف من آثار الحرب التي تسببت بنزوح مئات الآلاف منهم داخل وخارج بلادهم (غيتي)

رفض المتخصصين

وهنا ينقسم الأوكرانيون بين مؤيدين لهذه الظاهرة، وآخرين يدعون إلى الحد منها أو وقفها، لما لها من تداعيات أخلاقية خطيرة على المجتمع بشكل عام، وعلى الأطفال بشكل خاص.

في إحدى شوارع مدينة لفيف غرب أوكرانيا، سألنا الشابة إيرينا عن رأيها حيال بعض الشتائم النابية أو الصور والنكات الساخرة، فقالت “إنه طبيعي جدا. هذه الكلمات تجول في خاطر كل شخص منا اليوم تجاه العدو، فلماذا نكتمها أمام إظهار حقده؟”.

لكن مختصة علم النفس نينا بيرادزي فترى أن “الشتائم قد تلعب بالنسبة للكبار دورا في الحد من مشاعر الخوف والتعبير عن الغضب وحتى الشجاعة، ولكنها تبقى سلوكا خاطئا وعلى الجهات المعنية وقف هذا التركيز على استخدام الألفاظ النابية، خاصة أن معظمها ذات إيحاءات جنسية، لأننا سنواجه بعدها مشكلة في سلوكيات الأطفال”.

وفي هذا الصدد أيضا، دعا مجلس الكنائس الأوكرانية في بيان له إلى “التمسك بالنور”، فقال “علينا أن نحارب جميعا لنشر النور. لا يحق لنا السماح للأفكار الشريرة والكلمات المسيئة بالسيطرة على أنفسنا، أفعالنا اختبار خاص لكرامتنا ونبلنا”.

مجموعة من الغجر الأوكرانيين نشروا إعلانا ساخرا لبيع مدرعة روسية معطوبة (مواقع التواصل الاجتماعي)

جرارات المزارعين وإعلانات الغجر

وإلى جانب الشتائم، يخفف الأوكرانيون عن أنفسهم أهوال الحرب -على ما يبدو- ببعض المزاح الساخر، التي يتصل بعضه بوقائع حصلت فعلا على الأرض.

أبرز هذه الوقائع كانت عندما عمد أحد المزارعين في ضواحي كييف إلى سحب مدرّعة عسكرية روسية بالجرار إلى بيته، بعد أن تركها الجنود. ثم تكرر المشهد في مناطق أخرى، فبات الجرار رمزا للغنيمة، التي تشمل، إلى جانب الآليات في بعض الصور الساخرة، الطائرات والمروحيات الروسية أيضا.

وفي ضواحي كييف أيضا، استولت مجموعة من الغجر على مدرعة روسية، فأخذوها ثم عرضوها بشكل ساخر للبيع بأحد أشهر مواقع الإعلانات الأوكرانية، مع ذكر المواصفات وكامل العيوب التي لحقت بها.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع