مايو 15, 2024


الصورة تعبيرية
عتاب محمود: كلنا شركاء
لتماثيل حافظ الأسد قصص وحكايات,,
ولكل تمثال قصة مختلفة,,,
ولكن قصة التمثال الموجود أمام كلية الإشارة بحمص, قصة عجيبة!!!
نرويها لكم اليوم, لأنّها من أكثر القصص تعبيراً عن واقع الحال,,,
بعد انتهاء الدراسة الجامعية, ذهبت لأداء الخدمة العسكرية الالزامية,,,
تم فرزي إلى كلية الاشارة بحمص, من أجل اتباع دورة طلاب ضباط مجندين, لستة شهور,,
أكثر ما لفت نظري في اليوم الأول,,  كان تمثال “حافظ الأسد”  الموجود أمام باب تلك الكلية,
وجود التمثال لم يكن هو اللافت للنظر, وإنما جودة النحت, والتي  إن دلت على شيء فإنما تدل على حرفية النحّات !!!,,,
بعدها بيومين,,,
وفي أول درس توجيه سياسي,, أخبرنا ضابط التوجيه السياسي, بأنّ ذلك النحّات كان أيضاً طالباً ضابطاً مجنداً (يعني زميل سابق لنا),
ولكن ما هي قصة ذلك التمثال ؟
تقول القصة, كما علمنا بعد ذلك, وكما كان يتناقلها المجندين (القدماء) في تلك الكلية ما يلي:
في بداية إحدى الدورات العسكرية (للطلاب الضباط المجندين), جاء أحد الطلاب إلى ضابط التوجيه السياسي في الكلية, وأخبره بأنّه نحّات, وبأنّه يرغب بنحت تمثال للسيد الرئيس,,,
ولأنّ الأمر هام, فقد وصل الأمر, على جناح السرعة, لمدير الكلية (سيادة العميد), فطلب مقابلة ذلك الطالب,
وسأله عن الموضوع,
وعندما تأكد أنّ الطالب لا يكذب, وأنّه نحات محترف, وله معارض فنية,,, وافق على الفكرة.
بناءً عليه,,
صدر توجيه عسكري؛ لاستثناء ذلك الطالب (النحّات) من الدورة العسكرية بالكامل, وتفريغه لنحت التمثال,,,
ومن أجل المباشرة بنحت التمثال, قام الطالب (النحّات) بطلب مبلغ من المال من أجل أن شراء بعض المستلزمات,,,
كان الجواب سريعاً من قسم التوجيه السياسي بالكلية:
لا يوجد مال, دبّر راسك,,,
من أجل ذلك, تمّ جمع بعض التبرعات من الطلاب المجندين , وأكمل (النحّات) بقية المبلغ, حتى وصل نحو (150) دولار, كانت كافية لبدء العمل, شراء صاروخ لنشر الحجارة, وقدّوم, و…
بعدها, بدأ (النحّات) بالعمل,, عبر إحضار قطعة كبيرة من الحجارة, بدأ بالنحت عليها,,,
اكتشف (النحّات) لاحقاً, أنّ تلك الصخرة لا تصلح للنحت,
لذلك؛ ذهب وأحضر واحدة أخرى من إحدى المناشر,
ولكنها كانت لا تصلح , أيضاً,
ثم واحدة ثالثة, ورابعة, بدون جدوى,,,
بعدها, جاء أحد المجندين وأخبر (النحّات) بأنّ هناك صخرة كبيرة, تحمل المواصفات المطلوبة, في منطقة قريبة من تلك الكلية,,,
ذهب (النحّات) لرؤية تلك الصخرة, فأعجبته لدرجة أنّه طلب بنقلها فوراً إلى داخل الكلية,,,
ولكنّ أحد المجندين القدماء (اعترض) على ذلك, قائلاً:
لقد شاهدنا الكثير من الكلاب الشاردة وهي تتبول على تلك الصخرة, بشكل يومي,,
كما أنّ الكثير من العساكر المجندين, عندما يهربون ليلاً من الكلية باتجاه حي الوعر, لشراء “المتة” والسكر,  يمرون على نفس تلك الصخرة ويتبولون عليها,,,
تم صرف النظر عن الموضوع,,
ولكن, ونظراً لضيق الوقت, وبعد التشاور,, عادوا وقرروا نقل تلك الصخرة لنحتها,,, على أن يتم غسلها بالماء والصابون (اللودالين) والكلوركس حتى تنظف,,,,
وهذا ما حصل,
ولكن؛؛؛؛؛
منظر النحّات وهو يرتدي الكمامة, وكذلك القفازات السميكة أثناء عملية النحت, كل يوم,
كانت تدل على أنّ الصخرة لم تنظف (أبداً) من آثار بول الكلاب عليها,,,
المهم, يا سادة يا كرام,,
بعد نحو شهر ونصف,, انتهى العمل, فحضر السيد العميد,,
وحاز العمل على إعجابه الشديد,
و أمر سيادته بصرف مكافأة قدرها (500) ليرة (للنحّات),,, تعادل (10) دولار, عداً ونقداً,
ذهب (النحّات) لاستلام المكافأة من المحاسب,
فطلبوا منه التوقيع على فواتير بقيمة (500) ألف ليرة, وهي تعادل نحو (10) الاف دولار أمريكي,,
بحجة أنها قيمة المعدات والأدوات المستخدمة في النحت,,,
احتج (النحّات) قائلاً:  ولكنني جمعت قيمة المعدات من زملائي, وأكملتها مني,,, فكيف أوقّع؟
قال له المحاسب: وقّع,, كلهم عم يوقّعوا,,,
المهم:
في يوم تدشين  “التمثال”,
اجتمع كل الضباط, وصف الضباط والمجندين, أمام باب الكلية للاحتفال بتلك المناسبة,
طبعاً, برفقة مدير الكلية, الذي سيرفع الستار (بنفسه) عن ذلك العمل الوطني الرائع,,,
ومثل العادة, في بداية الحفل, ألقى السيد العميد كلمة (مؤثرة) مكتوبة,
رافقها العديد من المقاطعات من قبل الحاضرين, عبر الهتاف الشهير:
بالروح بالدم نفديك يا حافظ,,,
بعدها  تقدّم سيادته (بخشوع) لرفع الغطاء القماشي عن التمثال,
رفعهُ رويداً رويداً, حتى ظهرت معالم التمثال (التاريخي) بالكامل,
جرى ذلك (بالطبع) وسط هتافات الموجودين الحماسية:
بالروح بالدم نفديك يا حافظ,,,
بعد نحو عشر دقائق من ذلك الهتاف الوطني الحماسي,,,
عاد السيد العميد, ونتيجة الحماس الشديد, وألقى كلمة أخرى,
لكنها كانت هذه المرة ارتجالية, وأكثر (وطنية), كما كانت تظهر, بشكل جلي, محبته لقائد الوطن!!!!!
قال في كلمته الارتجالية:
حتما, ومن كل بدّ,
فإنّ كل الصخور والأدوات المستخدمة لإنجاز هذا الصرح الوطني الرائع تشعر الآن بالفخر, والاعتزاز, لانّها شكّلت صورة السيد الرئيس,,
وحتما, ومن كل بدّ,
فإنّ بقية صخور الوطن تشعر الآن بالغيرة والحسد من هذه الصخور,,,
أما أنا شخصياً,
وفي هذه اللحظة بالذات,
فإنني أقول لكم, وبكل صدق:
أتمنى لو أنني صخرة, وأن يصنعوا مني تمثالاً للسيد الرئيس …
على إثر ذلك,,
عاد الجميع للهتاف, برفقة السيد العميد, ولنصف ساعة كاملة:
بالروح بالدم نفديك يا حافظ, بالروح بالدم نفديك يا حافظ.


المصدر: عتاب محمود: هل تعرفون قصة تمثال حافظ الأسد الموجود أمام كلية الاشارة بحمص؟؟؟

انشر الموضوع