مايو 16, 2024

صلاح بدرالدين: كلنا شركاء
 كان حذر الوطنيين السوريين والثوار من مسارات ( جنيف وفيننا ) في محله ليس من باب الرفض للنضال السياسي وهو الأساس حيث بدأت الثورة سلمية وتحرك الجيش الحر والحراك الثوري العام من موقع الدفاع ومقاومة جرائم نظام الاستبداد وحلفائه بل لأن من تنكب للتفاوض من ممثلي المجلس الوطني والائتلاف وهيئة التنسيق وهيئة التفاوض التي تمثل فيها الأطراف الثلاثة زائدا الوافدون الجدد حديثا من مؤسسات النظام لم ينالوا شرعية التخويل والتحدث باسم الثورة كما تخلوا منذ الوهلة الأولى عن أهداف الثورة ( اسقاط الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي ) بذريعة المرونة والانسجام مع الارادتين الاقليمية والدولية كما ذهبوا بعيدا وبطرق ملتوية وباستخدام لعبة المصطلحات عندما قبلوا ليس ببقاء النظام بل بالحفاظ عليه تحت مسمى صيانة مؤسسات الدولة .
لاشك كان السورييون سيغفرون لمن خرج عن نهج الثورة من هؤلاء ( المعارضين ) خلال أعوام خمسة أو أساؤوا اليها عمدا أو عن جهل وكانوا سيعيدون النظر ايجابيا لو امتثلوا لارادة الغالبية ولمنطق استخلاصات تجارب تاريخ الثورات وأقدموا على خيار المراجعة الجذرية النقدية الشاملة في تقييم الماضي القريب بكل اخفاقاته السياسية والعسكرية من خلال المؤتمر الوطني السوري الجامع لقوى الثورة والأطياف الوطنية المستقلة والتيارات السياسية الذي من شأنه استعادة الشرعيتين الثورية والوطنية وصياغة البرنامج السياسي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري كفوء لمواجهة تحديات المرحلة ولكن وللأسف تجاهلوا كل النداءات وخرجوا مرة أخرى على ارادة الشعب وضربوا بعرض الحائط كل المهام الوطنية العاجلة .
لاصرار هؤلاء ( المعارضين ) على التمثيل كسابق عهدهم في ( جنيف ) القادم بأي ثمن وكأن ذلك هو الهدف الوحيد والمبتغى فقد تناسوا كل التغيرات العسكرية وسقوط حلب ومناطق أخرى كانت محررة في الغوطة وريف دمشق ومناطق حمص وحماة وريف حلب وقفزوا فوق كل التطورات السياسية وخصوصا البيان الثلاثي والاطباق الكامل من جانب المحتل الروسي الى درجة أنه أصبح الآمر الناهي وصانع المعارضات ومحدد توقيت جنيف ومقرر من يشارك وواضع الدستور السوري من دون الوقوف على نتائجها وتفاعلاتها والطامة الكبرى عندما يتجاهلون قدوم مرحلة جديدة دشنها – أستانة 1 – عنوانها انتقال تمثيل الثورة الى الفصائل المقاتلة .
 صحيح أن الممثلين الشباب من قادة وكوادر ومقاتلي مجاميع الجيش الحر والفصائل ذات المسميات ( الاسلامية ) كانوا في غاية التواضع ولم يدعوا ( التمثيل الشرعي الوحيد ) بل جلبوا معهم أعضاء من الهيئة التفاوضية العليا كمستشارين ( من دون الحاجة لاستشارتهم طبعا ) وبالرغم أنهم قادوا لوحدهم أولى المفاوضات خارج البلاد ولو أنها كانت تحت عنوان تثبيت وقف اطلاق النار فانهم وبقرارة أنفسهم لم يقتنعوا في أية لحظة بأداء ( المعارضين بكل كياناتهم ) وكان يوم سعدهم عندما تخلصوا من وصاية أولئك – المعارضين – الفاشلين الحاملين لأجندة اقليمية والقابلين للتعاون مع النظام ومؤسساته بعد تخليهم عن أهداف الثورة .
يعلم الوطنييون السورييون وأنصار الثورة والتغيير الديموقراطي وبينهم ممثلو مجاميع الجيش الحر والحراك الثوري العام أن ( معارضتهم ! ) وبخلاف كل معارضات بلدان ثورات الربيع يهرولون للتعاون مع النظام المستبد القائم بمعظم مؤسساته تحت غطاء جنيف في حين أن المعارضة السياسية وحتى الثوار في ليبيا مثلا والى حد ما في اليمن ومصر يتحاورون ويتواجهون ويتصارعون من أجل اعادة بناء النظام السياسي على أنقاض النظم القديمة ومؤسساتها الرئاسية والعسكرية والأمنية والحزبية المتهالكة .
انطلاقا من الحقائق السالفة ومن الخيبة العامة من تصرفات  – المعارضة – وفي سبيل قطع الطريق عليها من التمادي بتقديم التنازلات في الجولات القادمة ومن أجل وقف التدهور واعادة الاعتبار لأهداف الثورة وقيم الثوار والالتزام بارادة الشعب السوري من الضروري وبصورة مؤقتة الى حين توفير شروط عقد المؤتمر الوطني الجامع أن تتم تشكيلة الوفد المفاوض في جنيف ومختلف المحافل الاقليمية والدولية من ممثلي تشكيلات الجيش الحر والفصائل المقاتلة بمسميات أخرى مؤمنة بأهداف الثورة ومن ضمنه ممثلون عن المستقلين والشباب والاعلاميين من كل المكونات القومية والحراك الوطني العام والمناضلين الذين أبعدوا من جانب الاخوان والأحزاب الآيديولوجية وبمعزل عن كل الكيانات الممثلة في الهيئة التفاوضية التي يمكن أن ترسل ممثلين عنها كمستشارين للوفد المنشود اذا دعت الحاجة .


المصدر: صلاح بدرالدين: اذا كان (جنيف) شر لابد منه فليكن بوفد تفاوضي جديد

انشر الموضوع