أبريل 28, 2024

كلنا شركاء: فارس الرفاعي- اقتصاد
لم تكن اللاجئة السورية “زينة عبود” التي تعيش في هولندا منذ أقل من سنة، تتوقع أن يكون الطبخ هو أحد خياراتها المستقبلية وهي التي تخرجت من كلية الاقتصاد بجامعة حلب، وعملت كمديرة تسويق في شركة اعلانات وتجهيزات فنادق ومطاعم منذ سنوات.
 

ولكن ظروف الحرب دفعتها للجوء عبر تركيا بدايةً، وعدد من الدول الأوروبية، ليستقر بها المقام في هولندا لوجود أولادها الذين سبقوها إلى هناك –كما تقول لـ”اقتصاد”- مضيفة أنها شعرت بالندم لدى وصولها إلى أحد مخيمات اللجوء، وعانت حالة من الاكتئاب والعزلة امتدت لثلاثة أشهر، وخصوصاً أنها خاضت رحلة لجوء شاقة مثل غيرها من اللاجئين، وغرقت بالبلم ما بين تركيا واليونان قبل أن تعاود رحلتها ثانية، وتم سجنها في كرواتيا لمدة ثلاثة أيام، وبقيت خمسة أيام أخرى على الحدود السلوفاكية في ظروف البرد والصقيع.

بعد أيام من وصولها إلى أحد مخيمات اللاجئين في هولندا تعرفت زينة على فتاة هولندية زارتها في الكامب، وطلبت من الإدارة أن تقضي رأس السنة في منزلها وهناك-كما تقول محدثتنا- فوجئت بأن الفتاة الهولندية أحضرت لها خضاراً ولحماً حلالاً وطلبت منها أن تحضّر لها طعاماً سورياً لاعتقادها بأن ضيفتها افتقدت لهذا النوع من الطعام، وفعلاً حضّرت الشابة اللاجئة طاولة طعام أنيقة وجميلة أدهشت العائلة المضيفة.

بعد عودتها إلى الكامب بدأت زينة تطبخ للاجئين السوريين والعراقيين والأفغان وغيرهم تحت رعاية جمعية الهوملس، وتطوعت في بلدية أمستردام لإطعام الفقراء والمشردين الهولنديين، كما عملت في مشفى كبير يضم عدداً من الأطباء السوريين والهولنديين ممن كانوا يعدّلون شهاداتهم.

لم يكن بمقدور اللاجئة القادمة من حلب أن تعيش ظروف اللجوء الصعبة فتقف على الدور لتطلب الطعام وخصوصاً أنها كانت مرتاحة مادياً قبل الحرب، وخسرت منزلها وعملها وصرفت كل ما تملك على طريق أوروبا، ولكنها كما تقول لم تدع غيمة اليأس تحوم فوق رأسها فقررت أن تبني نفسها من جديد وتكون قوية كما كانت قبل اللجوء، فاعتمدت على نفسها لتحقق فيما بعد ما لم تكن تتوقعه بذاتها.

بعد مضي عشرة أشهر من لجوئها إلى هولندا حصلت زينة عبود على الإقامة لمدة خمس سنوات بتاريخ 1/6/2016، وكان الحصول على الإقامة نقطة تحول في حياتها الجديدة إذ سارعت إلى تنظيم أوراق عملها وذهبت إلى قسم التجارة الهولندية طالبة منهم منحها ترخيصاً لإقامة مشروع شركة ودُهشوا للأمر لأنه لم يمض سوى عشرة أشهر على لجوئها وأوضحوا لها أنها ستًحرم من دعم الحكومة الهولندية فوافقت دون تردد كما تقول- وفعلاً سجلت شركة باسمها اختارت لها اسم “زينة كيتشن” المختصة بالطبخ السوري والحلبي والأرمني على وجه الخصوص لتكون بذلك أول لاجئة سورية تسجل شركة خاصة باسمها في هولندا تقع في New west Justus van maurikstraat.

وإضافة إلى عملها الناجح في تجهيز وتحضير الأطعمة لقاعات المؤتمرات والبوفيهات تجهز زينة موائد مفتوحة للاجئين السوريين بشكل تطوعي ودون مقابل لأنها –كما تقول- تعتبر هذا الأمر بمثابة رد جميل للحكومة الهولندية التي استقبلت اللاجئين السوريين واهتمت بهم.

 وتتجهز الشيف الناجحة لتجهيز مواد ضخمة لحفلة سورية بامتياز تجمع الهولنديين والسوريين وستختار أن يكون في الحفلة التي ستقام بتاريخ 13/1 أكلات مميزة من كل محافظة سورية إلى جانب المشاريب السورية المعروفة كالعرق سوس، تمر الهندي، وشراب اللوز والقهوة العربية، وسترافق أجواء الحفلة -كما تقول-أنغام حلبية أصيلة وعروض لفرقة عراضة ومولوية.

وتروي زينة موقفاً طريفاً مر بها خلال عملها فأثناء حفلة لتكريم شيف يعمل على قصص إنسانية وتم منحها لشيف لبناني يُدعى “كمال الزواق”، طلب القائمون على الجائزة من زينة أن تحضر لهم “كبة مشوية، مع “كبة سفرجلية”، كان الأمر بمثابة مفاجأة لها لأن هاتين الأكلتين حلبيتين بامتياز وأثناء تحضريها للأكل دخل بعض عناصر الأمن وأعطوها صورة لأربعة أشخاص وسألوها إن كانت تعرفهم فنفت معرفتها بهم فقالوا لها هذه “ملكة هولندا” Princess beatrix و “الرولي فاميلي” -بعض أبناء الأسرة المالكة- سيأتون ليتذوقوا طعامها، وهنا أصيبت بحالة من الذهول والارتباك – كما تقول – ولم تعلم بماذا ترد أو ماذا تفعل.

وكشفت محدثتنا أن ملكة هولندا بعد أن أكلت من الطعام الذي حضرته لها ولمن معها أبدت إعجابها به وكانت في منتهى اللطف والاحترام والبساطة وسألتها عن حلب وفيما إذا كان أهلها لازالوا موجودين فيها.

 وهذا الموقف منح زينة –كما تقول- دافعاً معنوياً وأشعرها أنها تسير على الطريق الصحيح وتعززت هذه القناعة أكثر عندما احتفت وسائل الإعلام الهولندية بنجاحها وأجرت لقاءات معها، ومنها القناة الهولندية الأولى وصحيفة “ديبرول” ومجلة Labella magazin الهولندية المشهورة وقناة “اNos”. ومجلة Gloumer magazin.

وحول تفسيرها لإقبال الهولنديين على الطعام السوري أكدت زينة أن معظم المطابخ الطاغية على المجتمع الهولندي هي الصيني، الهندي، التايلندي، المغربي، والتركي، ولا يوجد فيها طعام سوري وبدوره يفتقر المطبخ الهولندي إلى التنوع ويكاد يقتصر على قطع اللحم مع البطاطا لذلك “استساغوا طعامنا السوري الذي يحمل المذاق الطيب والتنوع في آن معاً”، حسب حديثها الخاص لـ “اقتصاد”.




المصدر: سيدة سورية طبخت لملكة هولندا.. تروي قصتها

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك