مايو 3, 2024

سكاي نيوز: ترجمة محمد غيث عقدوني- السوري الجديد
لو أن روسيا بلد في حالة حرب، لكان الكرملين حريصاً كل الحرص على تأطير حملته في سوريا باعتبارها جويةَ فقط.
لطالما صرح المسؤولون الروس أن موسكو ليست بحاجة إلى إرسال قوات برية للمشاركة في الحرب السورية، باستثناء عدد محدود من المرشدين والمستشارين العسكريين.
وعلى أية حال، فقد واجهت الرواية الرسمية الروسية للصراع (منخفض التكاليف) في سوريا، تحديات خطيرة من جانب مجموعة من الشباب الروس الذين كشفوا أن مشاركة موسكو في سوريا هي أوسع وأكثر تكلفة من أن يعترف بها أي مسئول في إدارة الرئيس بوتين.
وفي حديثهم ـلـ “سكاي نيوز”، قال هؤلاء العناصر أنه تم تجنيدهم من قِبَلِ شركة عسكرية عالية السرية تدعى “Wagner” وتم إرسالهم إلى سوريا على متن طائرات عسكرية روسية.
وتابع العناصر أنه تم الزجّ بهم في ميادين المعارك المشتعلة مع فصائل الثوار والدولة الإسلامية، وذلك لقاء ما يعادل 3000 باوند شهرياً. وقال اثنين من مجموعة المرتزقة وهما “أليكسندر” و “ديمتري” أنهم محظوظين لأنهم لا يزالون أحياء.
وقال “أليكسندر” (ليس اسمه الحقيقي):  إن حظوظ الموت والنجاة في سوريا متعادلة تماماً، و معظم من يقاتل في سوريا من أجل المال يُقتَلُ في نهاية المطاف. على خلاف من يقاتل لأهداف كقتال القوات الخاصة الأمريكية، أو إيماناً ببعض المُعتقدات، فإن فرصة هؤلاء بالنجاة تكون أكبر.
أما ” ديميتري” فقد قال: ” لقد قُتِلَ من 500 إلى 600  تقريباً من المرتزقة في سوريا”، ولن يكتشف أي أحد أي شيء عنهم، هذا أكثر شيء مخيف لن يدركه أي أحد أبداً.
وكان رئيس الوزراء الروسي  “ديميتري مدفيديف” قد حذر في شباط الماضي من أن نشر قوات برية من قِبَلِ القوى الخارجية من شأنه إشعال حرب عالمية.
ويبدو أن ” مدفيديف” قد استثنى من حساباته استخدام المرتزقة الروس، ومهما يكن يقول المحللين أنهم ليسوا متفاجئين من كلام “مدفيديف”.و وفقاً للمحلل العسكري “بافل فيلنغهاور” فإن نشر المتعاقدين العسكريين يأتي بالتناسق مع تَبَني الروس للحرب الهجينة.
وقال المحلل: ” من الواضح أن شركة Wagner”” موجودة على ارض الواقع، وإن هذا النوع من المتطوعين يظهر في مناطق الحرب المختلفة حيثما تريده الحكومة الروسية أن يظهر. فقد ظهروا في بادئ الأمر في “شبه جزيرة القرم”” ثم في ” دونباس” واليوم نراهم في “سوريا” بيد أن وجودهم لم يكن قد أخذ صبغة شرعية لغاية الآن.
والجدير بالذكر أن الدستور الروسي يحظر الشركات العسكرية الخاصة، لكن لا يبدو هذا الحظر أنه يسبب أيةَ مشاكل لمن يدير تلك الشركات. 
وكانت صحيفة “فونتاكا” والتي تتخذ من مدينة “سان بطرسبرغ” مقراً لها قد نشرت هذه الصورة الوحيد للسيد “اوتكين” في وقت سابق هذا العام.
ووصفت الصحيفة ” أوتكين” بأنه هاوٍ لجماليات وأيديولوجيا الرايخ الثالث النازي الألماني.
هذا ويُعتقَدُ أن الاسم الحركي لشركته “Wagner”” إنما جاء تحيةً للملحن المفضل لدى “هتلر”.
وكانت الشركة المذكورة قد جندت المئات من العناصر عبر الانترنت عن طريق نشر إعلانات مؤقتة في غرف دردشة ذات طبيعة عسكرية على احد مواقع الانترنت الروسية المعروفة.
وحصلت ” سكاي نيوز” على تسجيل صوتي يظهر محادثة بين أحد المجندين و عميل لشركة Wagner.  وجاء في التسجيل:
المجند:  سمعت أن شركة Wagner  تبحث عن رجالٍ لتجنيدهم، ولقد كنت أعمل في إحدى فرق الجيش.
العميل: كيف يبدو مظهرك الخارجي؟
المجند: أستطيع الركض مسافة 10 كم
العميل: هل تستطيع قطع مسافة 3كم خلال 13 دقيقة؟
المجند: بالطبع!. فعندما كنت في الجيش، كنت اقطع مسافة 11كم خلال 40 دقيقة
العميل: هل لديك مشاكل قانونية أو ديون؟
المجند: أُعاني من ضائقة مالية وأرغب في شراء شقة.
العميل: هل لديك جواز سفر يخولك للتنقل؟
المجند: نعم لدي بالتأكيد.
العميل. حسناً، تعال إلى “مولكينو” أنت أمام فرصة ذهبية ليتم اختيارك.
والجدير بالذكر أن ” مولكينو” بلدة صغيرة جنوب روسيا  تحتضن قاعدة عسكرية للقوات الخاصة التابعة لوزارة الدفاع الروسية ، حيث تم تسليم جزء من هذه القاعدة لشركة “Wagner ” ليتم فيها اختيار وتدريب المجندين.
وقال “أليكسندر” والذي نفذ عدد من المهمات في سوريا، أنه كان يرى رجالاً بمختلف القدرات يتم قبولهم وتدريبهم، حتى أولئك الذين لم يطلقوا رصاصة في حياتهم قط.
وتابع “أليكسندر” أن  الرجال كانوا يخضعون للتدريب مكثف وشديد  والذي كان عادة ما يستمر لساعتين.
وأضاف ” في حال لم يكن المتقدم قد أدى الخدمة العسكرية، فإنه يتم تدريبه من الصفر، ويتم تعليمه لأن يصبح جندي مشاة . أما إذا كان المتقدم قد خدم في سلاح المدفعية أو الاستطلاع أو الألوية المقاتلة، فإن مهاراته تكون مصقولة. يعلمونك كيف تقود وتستعمل جميع المعدات التي يملكونها”.
وقال “ديميتري” أنه تم إعطاء المجندين الأطقم المعيارية لحلف الناتو ليتدربوا بها. 
وسُرعان ما رأى كِلا الرجلين نفسيهما وقد تم نشرهما في القاعدة الروسية على السواحل السورية.وقال “أليكسندر” أنه انضم إليهم 500 عنصر آخرين. واضاف ” كان هناك 564 جندياَ معي وقد تم نشرنا في القاعدة وكان برفقتنا وحدتي استطلاع ، و وحدة من سلاح الجو، ومجموعتين من قوات المشاة المقاتلة بالإضافة إلى المدفعية الثقيلة والدبابات وغير ذلك”.
بدوره، قال ” ديميتري” أن 900 عنصر قد انضموا إليه، ثم سرعان ما اكتشف غير ذلك لدى وصوله. وكان ” ديميتري” قد عمل سابقاً كسكرتير في أحد المكاتب مما يفسر قلة خبرته العسكرية.
وتابع” حطت طائرتنا في المطار ليلاً ، لم يعرف “ديميتري” اسم المطار وبعد عناء استطاع أن يلفظ اسمه بلهجته الروسية. ” حميميم”.  بعد ذلك، تم وضعنا في شاحنات. في الحقيقة، شعرت بالخوف إذ أني لا أتمتع ببنية جسمانية قوية ، كما لم أكن اُجيدُ التدريبات”.
هذا واتهم مقاتلي شركة “Wagner”” الضباط المسئولين عنهم بأنهم يرسلونهم إلى “مهمات انتحارية “مصممة لإضعاف قوات المعارضة قبل الزج بقوات النظام السوري.
وروى ” اليكسندر” قصة معركة “تدمر” والتي جرت في وقت سابق هذا العام وقال: ” جرى استخدامنا كذخيرة للمدفعية خلال اقتحام مدينة تدمر. باستطاعتك القول أن وحدات الاستطلاع تقدمت أولاً بحيث يتسنى لها المراقبة الوضع وإخبارنا به، كنت اعرف ثلاثة أفراد من تلك المجموعة، حيث قُتِلَ اثنان منهم قبل وصولهم إلى المدينة. خسرت وحدتي المقاتلة 18 عنصراً. وبعد ذلك تَبِعَنا الجُبناء من جيش الأسد وأنهوا المهمة ، إلا أننا نحن من أنجز معظمها.
إن العدد الرسمي للقتلى الروس في سوريا هو 19 جندياً. وعلى أية حال، فقد قال مقاتلي “Wagner” “لسكاي نيوز” بأنهم يعتقدون أن المئات من زملاءهم قد قتلوا في هذا البلد. ويتهم المقاتلين السلطات الروسية بالتعتيم على هذا الموضوع وإخفاءه.
وتحدث “أليكسندر: ” من سيخبرك عن هذا الأمر؟!. أحياناً يتم حرق جثث  المقاتلين بيد أن الوثائق تقول أنهم مفقودين، وأحيانا أخرى تقول الوثائق أن الجندي قُتِلَ في “دونباس” شرقي أوكرانيا. وأحياناً يقولون ” حادث سيارة” وهكذا.
بينما يقول ديميتري” أن مئات العناصر قد تُرِكوا في سوريا. ” أحيانا يتم دفنهم وأحيانا لا. أحياناً يتم حفر حفرة فقط. إن الأمر يتوقف على مدى شعور الضباط تجاه العنصر القَتيل، يقول “ديميتري”.
ويتابع ” ديميتري” الذي عاد إلى موسكو بالقول أن تجربته في الحرب السورية لا تزال تطارده. ولدى توقيعه على الاتفاق مع شركة Wagner، سَلَم “ديميتري” أوراقه الشخصية وهي جزء مهم في الحياة في روسيا. وبُعيدَ وصوله عودته إلى البلاد، توجه إلى القاعدة حيث كان يتدرب، لاسترداد وثائقه لكن الشرطة قامت باعتقاله وأخبره أحد ضباط الشرطة بشكل لا لبس فيه أن شركة Wagner هي وهمية وليس لها وجود!.
وقال “ديميتري” “لسكاي نيوز” أن هناك الآن أكثر من 50 رجلاً من ضحايا شركة Wagner، يجوبون شوارع موسكو  مصدومين ولا يملكون أية أوراق ثبوتية. وختم “ديميتري” حديثه قائلا :” لا أحد يعرفني الآن،  فقد تخلى عني الجميع.
اقرأ:
صحيفة: بشار الأسد زار روسيا سراً وبعث برسالة لإسرائيل



المصدر: سكاي نيوز: الكشف لأول مرة عن شبكة المرتزقة السريّين الروس الذين جندتهم موسكو في سورية

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك