أبريل 25, 2024

كشف تحقيق نشرته منظمة العفو الدولية، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، الستار عن “قائمة كاملة من الممارسات الوحشية” في مراكز اعتقال مُروِّعة بأنحاء السعودية؛ من بينها تكبيل المهاجرين، والتعذيب بالصواعق الكهربائية، وروايات عن أطفال يحتضرون، وأظهرت المزيد من التفاصيل الأكثر ترويعاً بشأن ضخامة انتهاكات حقوق الإنسان هناك.

وفق تقرير لصحيفة Telegraph البريطانية، الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأوّل، فإن هذه الحقائق المرعبة تأتي بعد شهر من ظهور نتائج التحقيق الذي أجرته صحيفة Sunday Telegraph البريطانية، والتي بيّنت احتجاز آلاف المهاجرين الأفارقة

شهادات مفزعة: قال التقرير، إن المهاجرين متكدّسون في المراكز، “ويتم تقييدهم معاً أزواجاً، وإرغامهم على استخدام أرضيات زنازينهم كمراحيض، واحتجازهم لمدة 24 ساعة في اليوم بزنازين مكتظة بشكل لا يُمكن تحمُّله”. 

يضيف التقرير أيضاً، أنه “يجري احتجاز النساء الحوامل والرضَّع والأطفال الصغار في هذه الظروف المروعة نفسها. وقال ثلاثة من المحتجزين إنهم علِموا بوفاة عدد من الأطفال”.

منظمة العفو الدولية وثَّقت وفاة ما لا يقل عن ثلاثة مهاجرين، استناداً إلى روايات متسقة لشهود عيان، ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أنه نظراً إلى تفشي المرض وعدم توافر الغذاء، والماء، والرعاية الصحية، قد يكون العدد الحقيقي للوفيات في هذه المراكز “المُهدِّدة لحياة قاطنيها” أعلى من ذلك بكثير.

محاطون بالموت والمرض: ماري فوريستير، الباحثة والمستشارة في شؤون حقوق اللاجئين والمهاجرين لدى منظمة العفو الدولية، قالت بهذا الخصوص: “إن آلاف المهاجرين الإثيوبيين الذين غادروا منازلهم بحثاً عن حياةٍ أفضل، واجهوا -بدلاً من ذلك- قسوةً تفوق التصوُّر في كل مكان”. 

كما تضيف أن “الأوضاع التي يعيشها هؤلاء في زنازين قذرة، مُحاطين بالموت والمرض، مزرية للغاية للدرجة التي دفعت ما لا يقل عن اثنين منهم إلى محاولة الانتحار”.

من جهته، تحدَّث المحتجز فريويني، البالغ من العمر 25 عاماً، مع الباحثين هاتفياً، عن وفاة صبي كان يبلغ من العمر 15 عاماً في مركز اعتقال الداير، وقال عنه: “كان نائماً على الأرض، مغطىً بملابس. كان ضعيفاً جداً، وتبوَّل على نفسه أثناء النوم. وكان يعتني به صبي آخر. صرخنا، فجاء الحراس لإخراجه… وبعد أربعة أيام رأيت ذلك الصبي ملقىً على الأرض في الخارج جثة هامدة، ورأيت جثة أخرى بجانبه”.

الصعق بالكهرباء والحوامل: وبحسب منظمة العفو الدولية، أفاد اثنان من المعتقلين بأن الحراس عكفوا على تعذيبهم بالصواعق الكهربائية، وقال أحد المهاجرين: “لقد استخدموا هذا الجهاز الكهربائي الذي أحدث ثقباً في ملابسي. ورأيت رجلاً ينزف الدم من أنفه وفمه بعد صعقه”.

قال المحتجزون إن عدداً كبيراً من النساء الحوامل يقبعن في تلك المراكز. وقالت روزا، البالغة من العمر 20 عاماً، والتي كانت حاملاً في الشهر السادس إبان المقابلة، إن ثمة 30 امرأة حاملاً في زنزانتها بسجن جازان المركزي القريب من الحدود اليمنية. ولم تتلقَّ أيٌّ من النساء رعاية صحية كافية.

كما ذكرت ثلاث نساء أن رضيعين وثلاثة أطفال صغار قضوا نحبهم في سجون الداير، وجدة، ومكة.

يُذكر أنه في أعقاب ما أثاره التحقيق الذي نشرته صحيفة Telegraph البريطانية من غضب بين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان حول العالم، وعدت السعودية بتفتيش مراكز الاعتقال كافة؛ للتحقيق في الأمر.

مع ذلك، بعد شهر من تلك التصريحات التي رددتها السعودية بشأن التحقيق في الأوضاع الفظيعة، قال مهاجرون لصحيفة Telegraph، إنهم عوقِبوا، وجُرِّدوا من ثيابهم، وكُبِّلوا أزواجاً إثر محاولتهم التواصل مع العالم الخارجي. 

فيديو مسرب: قبل شهر بالتمام، وبالضبط في فاتح سبتمبر/أيلول الماضي، نشرت صحيفة The Telegraph البريطانية، مقطع فيديو صادماً، يُظهر مَشاهد من داخل أحد مراكز احتجاز مهاجرين أفارقة في السعودية، تحبسهم السلطات كجزء من الحملة الحكومية للحد من انتشار فيروس كورونا، فيما وافقت الرياض على فتح تحقيق بعد تعرضها لانتقادات وتنديدات دولية. 

الصحيفة قالت إن الأوضاع في تلك المعسكرات شديدة البؤس، لدرجة أن الناس يموتون، مشيرةً إلى أن الصور المهربة من داخل مراكز احتجاز المهاجرين تشي بأوضاع تشبه تلك التي كانت موجودة في معسكرات احتجاز العبيد. 

تظهر في مقطع الفيديو مشاهد مقززة توضح الوضع المزري للمهاجرين المحتجزين، وبدا واضحاً وجود مياه الصرف الصحي وهي تفيض وتتسلل على الأرض، في منطقة يُفترض أن المحتجزين ينامون ويتناولون الطعام فيها.

يُسمع صوت أحد الموجودين، في الفيديو وهو يتوسل: “نرجوكم ساعِدونا”، ويقول آخر: “شاهِدوا هذا وافعلوا شيئاً من أجلنا”.

يأتي نشر الفيديو الجديد استكمالاً لتحقيق بدأت الصحيفة البريطانية بنشره يوم الأحد 31 أغسطس/آب 2020، عندما نشرت صوراً مسربة من داخل مراكز الاحتجاز، وشهادات تحدثت عن عمليات تعذيب يتعرض لها المهاجرون، وانتحار بعضهم بسبب سوء المعاملة. 

ضغوط على السعودية: أثار التحقيق عاصفة من الإدانة والانتقادات في جميع أنحاء العالم، من جماعات حقوق الإنسان وسياسيين ونشطاء في حركة “حياة السود مهمة”.

فمن جانبها، قالت الحكومة البريطانية إنها تشعر بـ”القلق الشديد”، ودعت الأحزابُ المعارضة السلطاتِ السعودية إلى اتخاذ إجراء فوري، وقال وزير الشؤون الخارجية في حكومة الظل البريطانية، ستيفن دوتي: “يجب على الحكومة السعودية أن تضع حداً فورياً لهذا الفعل المروع، وأن تتيح الفرصة لوصول خبراء مستقلين في الصحة وحقوق الإنسان”.

الوزير البريطاني شدد أيضاً على أهمية أن “يُحتجز هؤلاء الأشخاص في أوضاع تتوافق مع قانون الهجرة الدولي، وأن يعامَلوا بالكرامة والرحمة التي يستحقونها”، داعياً وزراء الحكومة إلى إثارة القضية مع نظرائهم السعوديين، “لا سيما في ضوء سجل البلاد السيئ تاريخياً فيما يتعلق بالتمسك بحقوق الإنسان وحمايتها”، وفق قوله. 

بدوره، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لصحيفة The Telegraph، إن الأمم المتحدة تحقق في الواقعة أيضاً.

وفي السياق ذاته، قال متحدث باسم مكتب “المنظمة الدولية للهجرة” التابع للأمم المتحدة (IOM) في جنيف، إنهم “في غاية القلق بشأن الصور المروعة التي تُظهر مهاجرين إثيوبيين محتجزين بالسعودية، في أوضاع يبدو بوضوحٍ أنها غير إنسانية”.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك