مايو 16, 2024

د. وليد البني: كلنا شركاء
كما كان متوقعاً لم تصمد الهدنة التي عمل عليها جون كيري وسرغي لافروف اسابيعاً  و اشهراً ،  والتي كان متوقعا   ان تكون مقدمة لايقاف الحرب السورية وبدء البحث الجدي عن حل سياسي ينهي المقتلة السورية المستمرة منذ حوالي الخمس سنوات . لقد فشلت الهدنة وعادت القوات الروسية الايرانية وحليفها الأسد لتقصف المدن والمناطق الخارجة عن سيطرة النظام بوحشية أكبر ، بحيث استهدفت هذه المرة وبشكل مباشر قوافل المساعدات الداخلة الى حلب وريفها وقتلت العشرات من متطوعي الهلال الاحمر السوري وعمال الإغاثة في سابقة لم تكن معتادة في فترة ماقبل هدنة كيري لافروف الأخيرة . 
ولكن ماذا  بعد هذا الفشل والى اين ستسير الأمور بسوريا وشعبها المنكوب ؟؟؟؟. 
لقد كان هناك بعض التفاؤل  في ايام العيد الثلاثة الهادئة، والذي  بدى واضحاًعلى وجوه الكثير من الحلبيين والأدالبة وسكان المناطق التي كانت تقصفها الطائرات الروسية على مدى اشهر، لكنه ما لبث ان تبدد وتحول الى ذعر بعد استئناف القصف الوحشي لتلك  المناطق، القصف الذي  لم يوفر هذه المرة حتى بعض الغذاء التي حاولت قافلة الأمم المتحدة تمريره للمرضى والجائعين المحاصرين هناك.  القصف الروسي الايراني  من المرجح ان يستمر إلى أن تقرر الولايات المتحدة وروسيا الإكتفاء من دماء السوريين والتوصل الى حلول للملفات العالقة بينهما ومن بينها الملف السوري .
لا أعتقد ان جديدا  سيحصل فيما يتعلق بالملف السوري في ظل إدارة اوباما ، ما عدا بعض التحريك لطبخة البحص المشتركة لكيري لافروف التي لن تنضج  أبداً ، بل إن هجمات الطيران الروسي الداعمة لهجوم أرضي واسع على حلب وريفها وريف حماة ستستمر  بل  وستزداد شراسة ووحشية في محاولة لكسب ما أمكن من الأرض قبل وصول الإدارة الأمريكية الجديدة ، وقد تقوم روسيا وإيران بمحاولة لحسم الملف السوري  عسكرياً والقضاء على المعارضة السورية المعتدلة نهائياً في الاشهر القليلة المتبقية من عمر هذه الإدارة ، لتأتي الإدارة الجديدة ولا تجد امامها من تستطيع تسميته معارضة معتدلة وتجد نفسها مضطرة لمشاركة الروس  في محاربة داعش والنصرة والتنظيمات الملحقة بهما،  بعد أن  يكون نظام الاسد بدعم ارضي ايراني وميليشياوي طائفي وتغطية جوية روسية  قد فرض سيطرته على جميع الاراضي السورية ما عدا تلك التي تقع تحت سيطرة كل من داعش والنصرة وحلفاءهما( الرقة ، دير الزور ، البوكمال ، إدلب ، وبعض مرتفعات القلمون غير المأهولة ) . 
هذا ما أعتقد أن الروس والايرانيين سيحاولون فعله من الآن وحتى وصول الإدارة الأمريكية الجديدة والذي قد يتغيير فقط  في حال وافقت الإدارة الحالية على اتفاق شامل لا يشمل سوريا فقط بل يشمل جميع المواضيع العالقة بين الطرفين ، بدءآ من أوكرانيا مروراً بصواريخ الناتو وانتهاءً بالعقوبات الأمريكية والاوربية المفروضة على روسيا ، وهو ما لا أتوقع ان إدارة اوباما ستقبل به حتى لا ُتكَّبل الادارة القادمة بإتفاقات قد تؤثر على استراتيجيات عملها فيما يخص السياسة الدولية . 
لكن وفيما لو كان هناك شيء من الواقعية في هذه الرؤية للحدث السوري،.  فماالذي  على السوريين فعله كي لا يكونوا  مجرد أدواتً ووقوداً لحرب تجري  على أرضهم وتدمر وطنهم ،  بينما  يستثمرها الآخرون لتحقيق أهدافهم و مصالحهم ؟؟ .  
ألا يحب على  كل سوري وبغض التظر عن موقعه وموقفه مما يجري ، سواءً كان  معارضا لإجرام النظام وفساده ، أو حياديا لأنه لم يجد بديلآ أفضل يقتنع به  ، أو موالياً لأن النظام وغباء المعارضة جعلاه يفضل استبداد  الطاغية على دموية وظلامية عقول التكفيريين، أن يعيد النظر بالطريقة التي تعامل من خلالها مع الكارثة السورية المستمرة منذ خمس سنوات ؟؟؟؟. 
الم يحن الوقت للعودة الى التفكير بأننا جميعاً؛  مسلمين ومسيحيين ، علويين وسنة وشيعة ودروز واسماعيليين ، عرباً وكرداً وتركماناً واشوريين سريان وأرمن  نخسر يومياً في هذه الحرب. 
ألم يخسر الموالون  معظم شبابهم في هذه الحرب العبثية لكي يبقى الاسد ومخلوف في قصورهم ويستمروا في قتل السوريين الرافضين لطغيانهم ؟؟ ، وهل لا يزال من المجدي إرسال الشباب السوري إلى الموت كي تستطيع ايران تحقيق طموحاتها القومية او الطائفية في منطقتنا ؟؟؟ أو لكي يحقق فلاديمير بوتين حلمه بالعودة الى الساحة الدولية كقيصر على حساب دماء السوريين ومستقبل وطنهم ؟؟؟؟. 
ألم يخسر المعارضون منازلهم ومدنهم وقراهم ، ويتحول معظمهم الى لاجئ أو مشرد في وطنه لكي يبني البغدادي خلافته  أو الجولاني أمارته على جماجم أبنائنا، أو لكي يحقق بعض الطامحين في مؤسسات المعارضة السياسية والعسكرية  احلامهم في السلطة والثروة عبر خدمة ممويليهم وداعميهم . 
أعتقد أن الوقت يمر وخسائر سوريا وشعبها تتضاعف ، ولابد من هذه الوقفة مع الذات . الرابح من استمرار الحرب وتدمير سوريا وتشريد شعبها لن يكون سورياً بالتأكيد. 
لنستعيد تفكيرنا الجمعي كأبناء وطن جميل يجري القضاء عليه تدريجيا وبأبشع الطرق ، لنفكر كسوريين وليس كأديان وطوائف وقوميات يجري تخويفها واستتباعها من قبل القوى الدولية والإقليمية


المصدر: د. وليد البني: بعد فشل الهدنة، سورية إلى أين

انشر الموضوع