أبريل 29, 2024

د. محمد مرعي مرعي: كلنا شركاء
حكم جنرالان كوريا الجنوبية / سوريا في توقيت متشابه ، الأول ( بارك شونغ هي ) وهو فريق في الجيش الكوري الجنوبي تولى الحكم نتيجة انقلاب عسكري وحكم بقبضة من حديد كرئيس عسكري غير منتخب حتى تم تنصيبه رئيسًا منتخبًا رسميًا عام 1963 وظل في الحكم 16 عامًا حتي اغتياله في 26 أكتوبر عام 1979، وظل تاريخه مشوبًا بظلال الديكتاتورية منذ توليه السلطة إضافة إلى ما قام به من تعديلات دستورية لتعزيز سلطته وضمان بقائه في الحكم،. وكوريا الجنوبية ذات طبيعة جبلية لا وجود للثروات المعدنية فيها ، تبلغ مساحتها 99.392 كيلومتراً مربعاً،وعدد سكانها يزيد عن 51 مليون نسمة، وعاصمتها سيؤل عدد سكانها 10,117,909 نسمة. ذلك الجنرال يرجع إليه الفضل في النهضة الاقتصادية الشاملة التي شهدتها بلده من تصنيع ونمو اقتصادي سريع نتيجة قراره الحكيم لاتباع سياسة التصنيع للتصدير . لكن،يبقى بارك شونغ محط جدل بين من يشهد ويشيد بدوره القيادي الرائع والعظيم في بناء بلده وإحيائها من جديد بعد الحرب الكورية ، وبين من يدين سياساته الديكتاتورية الاستبدادية المقيدة للحريات، خاصة ما اتخذه من قرارات وما اتبعه من سياسات في فترة ما بعد 1971.كوريا الجنوبية من البلدان المتقدمة ذات مستوى معيشي عال جدا،و4 أكبر اقتصاد في آسيا وأكبر 12 اقتصاد في العالم . لكن ذلك الجنرال حين توفي لم يورث الحكم لأبنائه بل استلم بعده رئيس منتخب من أصحاب الكفاءات العالية وأكمل ما بناه سلفه ، وحكم بعده 9 رؤساء لا يمتون لأسرته وعائلته بصلة ، وآخر رئيسة قامت مظاهرات صاخبة ضدها وهي قيد العزل كونها وافقت لزميلة دراسة لها على توظيف قريبتها . في عام 1999، أعلنت مجلة تايم الامريكية عن اسمه كواحد ضمن أفضل عشرة آسيويين في القرن العشرين.
بالمقابل الجنرال حافظ الأسد، حكم عمليا منذ 1964 حين سافر إلى لندن وعقد الاتفاق مع المخابرات البريطانية لتولي الحكم مقابل تسليم الجولان وتخريب سوريا. وحين استلم حافظ الحكم نظريا عام 1970 ، كان الاقتصاد السوري الأول بين الدول العربية ومستوى تطور المجتمع و التعليم والثقافة وغيرها من بين أفضل 30 أول دولة في العالم كون سوريا تمتلك ثروات شاملة معدنية وزراعية وبشرية مؤهلة نوعيا وموقعا جيوسياسيا فريدا . وحين مات بعد 30 سنة من الحكم تراجع الاقتصاد السوري ليصبح بترتيب دون 130 دولة في العالم ويمتلك محمد مخلوف بشراكة آل الأسد 60 % من الاقتصاد السوري ومرتزقة ومنتفعي الأسد نسبة 30 % بينما شعب سوريا كله يمتلك أقل من 10 % ، إضافة إلى تخريب التعليم والقضاء والثقافة وتفكيك بنى المجتمع وتشويه التاريخ وتزييف الأديان السماوية ،لكنه أصر على توريث أبنائه ( باسل الذي قتل بظروف غامضة ، ثم بشار شبه المؤهل عقليا ونفسيا ) ، وكانت الكارثة العظمى التي حلّت بسوريا مع اندلاع ثورة شعبية على حكم العائلة المجرم والفاسد ،إذ بالنتيجة دفع شعب سوريا تهجير 50 % منه إلى خارج وطنه أو منطقة سكنه ، وتراجع الاقتصاد إلى دون 180 دولة بالعالم ومؤشرات التنمية في أسفل بلدان العالم قاطبة ، وتم تدمير غالبية مدن سوريا وريفها.
نعم ، حكم جنرالان بلدين مختلفين في فترة زمنية متقاربة لكن (الكوري) بنى دولة وأصبحت في صدارة العالم . بينما حافظ الأسد في سوريا دمّر الدولة ومكوناتها وتاريخها بل أزال وجودها مع ورثته ، لذلك يستحيل بناء دولة في ظل وجود آل الأسد .
اقرأ:
د. محمد مرعي مرعي: هل يكرّر بوتين مع الخائن بشار ما فعله فيرناندو مع خيانة أبي عبد الله الصغير ؟



المصدر: د. محمد مرعي مرعي: استحالة بناء دولة في ظل وجود آل الأسد

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك