أبريل 19, 2024

د. كمال اللبواني: كلنا شركاء
ليست صحة بشار رأس النظام السوري هي المهم، فالنظام السوري كله وليس بشار وحده مصاب بجلطة وسرطان دماغي ويتجه للموت، بينما ينشغل من أذهلتهم الأحداث عن تمدد وتغلغل النفوذ الإيراني في أربع محافظات أساسية هي دمشق وريفها ، حمص ، حماه ، والسويداء ، حيث تكثر رحلات الحج المتبادلة بينها وبين طهران ، وتفتتح الشركات والمشاريع ، وتشترى الأراضي وتنظم الميليشيات . ويقوم حزب الله بتنفيذ خطة منهجية لافراغ مناطق كاملة من سكانها ، وتحضيرها لاستقبال ملايين الشيعة في المرحلة القادمة، في أكبر عملية تغيير ديموغرافي تشهدها المنطقة ، لتكريس الاحتلال الإيراني لوسط وجنوب سوريا ، ولا ينسى أبدا السعي لتشييع سكانها مستغلا حالة الخوف والجوع التي يفرضها …
سابقا منعت الدول اسقاط النظام بحجة أن البديل عنه سيكون الحركات الجهادية ، فركزوا على هزيمتها لصالح النظام المجرم ، الذي تحاول الدول بكل الوسائل انعاشه ، وتغفل وجود ايران التي تحكم وتتحكم بالنظام الذي اعتمد كليا عليها ، ماليا وعسكريا واداريا حتى قبل الثورة ، وأن إيران تنسق مع قسم من المعارضة التي اندست باسم الإسلام فوجدت نفسها في طريق التحالف والتنسيق مع حزب الله لتحقيق امتيازاتها ابتداء بداعش التي سلمت معظم المناطق المحررة ، وزودت بمستودعات سلاح ضخمة سلمت لها من قبل النظام العراقي والسوري ، وصولا لغيرها من المنظمات والتنظيمات الاسلامية التي تتخذ من حماس مثالا لها … والتي تتشكل التحالفات للقضاء عليها في الأشهر القادمة  المتبقية من عمر النظام . لتبقى ايران هي المسيطر من دون منازع أو شريك . فيتكرر ما فعله الاحتلال الأمريكي للعراق . والسبب في ذلك ، هو الاستراتيجية التي تضع أولويتها محاربة الإرهاب ، دون الانتباه لصانعه ومشغله ومصدره الحقيقي ( إيران كدولة تمارس الإرهاب وتنشره ثم تتمدد بواسطة الحرب عليه ) .
تصحوا الدول الغربية التي اعتمدت استراتيجية الحرب على الإرهاب . على حقيقة أن طهران التي استفادت جدا من خطة أوباما للانسحاب من العراق ، ومددت نفوذها في المنطقة ، قد أصبحت تحكم ثلاث دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان ، وبذلك أصبحت تشكل خطرا جديا يهدد مصالحهم جميعا ، بعد اقترابها من التحول لدولة عظمى تحكم مئات الملايين من البشر وتسيطر على مساحة كبيرة من الشرق الأوسط بما فيها من موارد ، وتطور أسلحة الدمار الرادعة لأي هجوم … وتشكل حليفا استراتيجيا للصين وروسيا في صراعهما مع الغرب على الشرق الأوسط ، فإيران اليوم وفقا لمحللين تشبه ألمانيا النازية ، تسابق الزمن للحصول على السلاح النووي وغيره من أسلحة الدمار التي ستهدد بها لتفرض قبولها كدولة عظمى تحكم بالحديد والنار منطقة الشرق الأوسط بكاملها … وتقوم بترهيب العالم عبر مخالبها الارهابية التي زرعتها في كل مكان …
أخيرا أبلغ الروس بقية الدول أنهم لا يستطيعون وقف التمدد الإيراني ، بعد أن كان هذا هو السر وراء سكوتها عن هذا التدخل ، ووراء قبولهم ببقاء النظام السوري كشرط روسي ، والآن وبعد كل ما فعله الروس بالمعارضة لصالح النظام الذي بدأ يحتضر ، قالوا أنهم لا يستطيعون وقف ايران بعد أن ساعدوها بغباء أو خبث في اجتياح المناطق وتهجير السكان ، بسكوت وتواطؤ أمريكي وأوروبي … فيسارع ترامب الذي دخل الحلبة حديثا، ليستخدم سلاح الفيس والتويتر ، ويحذر إيران … التي تتحداه . 
وبينما كانت دول الخليج تغفوا على ريش الحماية الأمريكية الأوروبية ، صحت مذعورة على صوت اسرائيلي يصرخ : ايران أصبحت في عقر داركم … يصرخ لأن إيران تريد وضع اسرائيل تحت التهديد الوجودي ، لكي تمنع أي جهد لإنقاذ دول الخليج العربي  عندما ستهاجمها  … الاسرائيلي يصرخ لأنه غير قادر على وقف تمددها من دون (تحالف دولي كبير ) وإلا قد يضطر للخضوع للتهديد والابتزاز أو  لاستخدام السلاح النووي… فتسرع بعض الدول لتجديد صك الحماية الأمريكية التي لا تخفي نيتها ابتزازهم ، ويتسلل البعض خلسة لطهران وموسكو  احتسابا لأي تحول استراتيجي في المنطقة ، ثم يعاودون جميعهم وبسرعة إلى غرف النوم ومشاهدة أحلامهم عن ترامب وهو يقوض إيران على صفحات الفيس ودفاتر رياح الإعلام .
إلى متى يتوهم العرب أن غيرهم سيقاتل عنهم ايران التي تهاجمهم وتبتلعهم دولة اثر دولة … هل يدرك العرب أن إيران لم تزج بجيشها حتى الآن، ومع ذلك ابتلعت أربع دول ونصف ، إيران تصنع السلاح وتحضر ملايين المقاتلين لدفعهم لساحات الحرب ، ايران الملالي تدرك أنها تدخل في حرب وجود مع الجميع في المنطقة … وأنه لوقف زحفها يتوجب تقويض نظام الملالي ذاته وليس عبد الملك الحوثي ، وهذا غير ممكن من دون خوض حرب جدية تستخدم فيها أسلحة غير مسبوقة تشل قدرتها على الرد … أي تستخدم فيها أمريكا آخر ما توصلت اليه صناعة الأسلحة التي تكرس تفوقها الاستراتيجي ، وايران تدرك أن هذه الحرب تحتاج لشجعان يخوضونها ، لذلك هي تراهن على أعدائها (جبنهم وبخلهم وغبائهم وتراخيهم) ، وتستمر في مخططها دون توقف غير آبهة بتغريدات ترامب ولا صراخ ناتانياهو الذين قد لا يبكون كثيرا على تقويض الدول العربية ، ويختارون في النهاية طريق التفاهم مع جارهم الجديد الإيراني ، وهو ما سبقهم اليه أوباما وأخذها من الآخر ولحقت به ألمانيا ومعظم دول أوروبا …
وبالعودة لسوريا فإنه من الواضح للجميع أن التدخل الروسي قد فشل في الابقاء على النظام الذي يموت ، وفي تقليص نفوذ ايران ، وأنه بالتالي لا حل قريب ، لا عن طريق الأستانه الهزلي ، ولا كوميديا جنيف ، وما سيفرض في نهاية التدخل الروسي هو مجرد تقاسم نفوذ : روسي في مناطق العلويين ، وأمريكي في مناطق الكرد ، وتركي في شريط محدود ، واسرائيلي على شريط حدودها ، وبريطاني نرويجي في البادية ، وهذا ما يصرح به ضمنا من اكتفى بحل المعضلة السورية عن طريق المناطق الآمنة ، والتي تعني إذا طبقت (من دون خطة محكمة لتحرير الوسط ) أن تهيمن ايران على كل المناطق غير الآمنة ( وسط سوريا كاملا ) بعد أن يتم القضاء على داعش ، وتكتمل مراسم دفن النظام، وبذلك تستكمل ايران مشروعها لبناء الهلال الفارسي الذي يمتد من أفغانستان وصولا للبنان واليمن ، وتصبح قادرة على الانتقال للمرحلة التالية أي السيطرة على دول الخليج وشرقي المملكة السعودية مستغلة احتكار تمثيل الشيعة ، وامكانات شعوب أربع دول ابتلعتها …
لتصبح معركة دمشق هي خط الدفاع الأول عن الكويت والمنامه ودبي والدمام والرياض ، بل عن مكة المكرمة ذاتها . لأنه  تحت شعار المقاومة وتحرير القدس ، تحتل ايران الصفوية دول الشرق العربي تباعا وصولا لمكة  ( وهو ما يسوقه ملاليهم [مقدسي السر]  على أنه تحضير لعودة الإمام المهدي ) .
للعلم من يتحكم بإدارة صوامع الحبوب في سوريا هم موظفين ايرانيين منذ عام 2005 ، وهي مهندسة تجويع الشعب السوري ، ومهندسة قمع ثورته وتشريده ، بينما يتم التركيز على الغبي المجرم الذي فتح لها أبواب سوريا على مصراعيها بعد أن شارك معها بتصفية الحريري وصار تحت الضغط الدولي فهرب للحماية الإيرانية وسلمها مفاتيح سوريا كاملة، وغدا يموت المريض بقرار الطبيب الايراني ليصبح الوكيل مالكا وليكتشف الروسي أن كل ما يملكه أصبح مساويا للصفر .


المصدر: د. كمال اللبواني: يموت النظام وتبقى إيران

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك