مايو 2, 2024


د.ابراهيم الجباوي: كلنا شركاء
لم يعد استخدام مصطلح الإرهاب استثنائياً أو طارئاً ، بل غدا حديثاً يومياً على لسان السياسيين والعامة في العالم كما في أجهزة الإعلام لكن التعسف في استخدام هذا المصطلح تجاوز حد الخلط المتعمد بين الضحية والجلاد ليصبح حكراً على الضحية.
والإرهـاب بمعناه العام هو : ذلك التخويـف والتفزيـع الصادر عن نزعة عدوانية فحسب ، ويستخدم للإشارة إلى التهديدات أو القيام فعلياً باستخدام العنف أو الإكراه لتحقيق غايات سياسية في معظم الأحيان سواءً أكان إرهاب الجملة الذي يمارسه الأباطرة أم إرهاب التجزئة الذي يمارسه اللصوص .
فالإرهاب قد تبوأ مكانة هامة ومتقدمة في أدبيات جميع فروع العلوم الاجتماعية حتى أن الباحثين في ميادين علم الإجرام أو علم الاجتماع والعلوم السياسية أو الفلسفية بدؤوا يرون موضوع الإرهاب مسألة تستحق الأولوية على أية مسألة أخرى.
فاتفاقية جينيف لقمع ومعاقبة الإرهاب لعام / 1937 / نصت على أن الأعمال الإرهابية هي الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة ما ، وتستهدف أو يقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معينين أو مجموعة من الأشـخاص أو عامـة الجمهـور. وتضيـف الاتفاقيـة أن الإرهـاب يوجـه غالبـاً إلى نظام سياسي أو اجتماعي معين ، وإلى بنية تحتية ، وتستنتج من ذلك أن الإرهاب هو بث الرعب بين العامة . وقد تناست أو لم يكن يخطر ببال واضعيها أن يقوم نظام بممارسة الإرهاب الأخطر ضد شعبه كالذي يحدث في سوريا من ممارسات النظام السوري الإرهابية .
وأصدرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارات عدة حول الإرهاب منها القرار رقم (61/40) الصادر في 7/4/1987 والداعي إلى عقد مؤتمر دولي لتعريف الإرهاب وبيان طرق مكافحته وقد استمر هذا التبني للمؤتمر الدولي بين عامي (87-91) من القرن الماضي وخلالها صدر القرار رقم (46/51) وكان آخر قرار يميز بين الإرهاب الدولي وبين الكفاح الوطني المسلح .
ويبدو أن الإرهاب ليس في واقع الأمر إلاّ مظهراً مؤقتاً لظرفية تتميز بالعنف السياسي …
وهل هناك من عنف سياسي أبشع من الاجتياح الاستعماري القديم الجديد ؟
وهل هناك من عنف سياسي أخطر من زرع كيانات – لا شرعية تاريخية وحضارية لها – داخل الأوطان التي تتطلع إلى التحرر والوحدة ؟؟،
وهل هناك إرهاب أقوى وأعنف وأشد وطأة من تدمير شعب وتهجيره واجتثاث حضارته وقتل أطفاله كما يجري الآن في سوريا على يد محتلها النظام النصيري وبمساعدة الغازي المجوسي ؟؟؟.
إنَّ الذي يجري في سوريا هو إرهاب دولي بامتياز تقوده كل روسيا وإيران وإسرائيل ومعها المرتزقة من شيعة العالم ضد سوريا شعباً وأرضاً وتاريخاً .
إنَّنا نلمس ونشاهد أنَّ البشرية قد فقدت المناعة الموحدة في وجه العنف الإجرامي الذي يستهدف الأبرياء. لأن الأقوياء في العالم وعبر الإعلام المسيطر والقوة العسكرية هدموا بوعي وعن قصد هذه المناعة الموحدة لدى البشرية عندما جعلوا شعارهم الغاية تبرر الوسيلة !! وما الإرهاب الذي يمارسه النظام السوري ضد شعبه بمساندة وعون من قبل نظام بوتين في روسيا والى جانبه الميليشيات الطائفية متعددة الجنسيات، إنَّما هو إرهاب وفق المواصفات التي تتفق وإيديولوجيتها تماماً كما هي التسوية وفق الشروط والإملاءات والمصالح الخاصة بهذا النظام وتلك الدول الحليفة والداعمة له .
هنا نطرح سؤالنا ما هو الإرهاب ؟ إذا لم يكن هذا الذي يمارس ضد الشعب السوري قتلاً وتهجيراً قسرياً ونهباً لثرواته وممتلكاته وانتهاكاً لحقوقه وتدميراً لتاريخه وحضارته العريقة ؟!.
ألا يجدر بالعالم الذي يدعي محاربته للإرهاب أن يقف بوجه طاغية العصر .. الإرهابي العالمي الأول بامتياز بشار الأسد ووزيره لافروف..؟؟
لكن يبدو أن ذاك العالم أيضاً هو مشارك بممارسة الإرهاب ضد هذا الشعب السوري المقهور …



المصدر: د.ابراهيم الجباوي: الإرهاب

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك