مايو 18, 2024

مضر الزعبي: كلنا شركاء
استبدل النظام قوات الأمن بالجيش، واستبدل الجيش بالشبيحة، ليقضي على ثورة الشعب السوري، ولكن مع مطلع العام 2015 أصبح النظام بكل قواته وميلشياته عاجزاً عن مواجهة ثوار درعا، ليبدأ التدخل الإيراني العلني في الجنوب السوري بهدف وقف تمدد الثوار ومنع سقوط العاصمة دمشق بيد الثوار.
عقدة المواصلات الأهم بيد الثوار
كان الإنجاز الأكبر لثوار محافظة درعا هو تحرير بلدة الحارة وتلها ذات الأهمية الاستراتيجية مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2014، بعد ساعات من انطلاق عملية (الفجر وليال عشر)، حيث يعتبر التل قاعدة الاستخبارات الروسية في الجنوب السوري.
وفي نهاية العام 2014 بدأت قوات النظام مدعومة بالميلشيات الطائفية حملة واسعة للسيطرة على أحياء مدينة الشيخ مسكين شمال درعا، ولكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر وكان التحرير الأكبر في محافظة درعا.
وقال الناشط أحمد الديري لـ “كلنا شركاء” إنه مطلع شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2014 عملت قوات النظام على إحكام سيطرتها على مدينة الشيخ مسكين ذات الأهمية الاستراتيجية، عندها استغلت تشكيلات الثوار الفرصة وشنت هجوماً معاكساً على مواقع قوات النظام، وسيطرت على تل (حمد) ذو الأهمية الاستراتيجية كونه خط الإمداد الوحيد لقوات النظام في مدينة نوى، والرابط بين مدينتي الشيخ مسكين ونوى، وعندها انسحبت قوات النظام من مدينة نوى ومحيطها، ليعلن الثوار في صباح 9 تشرين الثاني/نوفمبر عن تحرير نوى والنقاط العسكرية في محيطها، ومنها (اللواء122 – تل حرفوش – الأمن العسكري).
وأضاف أن الثوار تابعوا عملياتهم في مدينة الشيخ مسكين، ليتمكنوا نهاية شهر كانون الثاني/يناير من العام 2015 من تحرير كامل المدينة والقطع العسكرية في محيطها ومنها (المساكن العسكرية – الأسكان العسكري – اللواء 82)، ليصبوا على مرمى حجر من شريان قوات النظام في مدينة درعا (الأوتوستراد الدولي) ومعقل قوات النظام في مدينة إزرع.
وأشار الديري إلى أن تحرير مدينة الشيخ مسكين كشف مدى هشاشة قوات النظام والميلشيات الموالية في محافظة درعا، وكان أول تداعيات سيطرة تشكيلات الثوار على مدينة الشيخ مسكين إحراق اللواء (رستم غزالي) أبرز ضباط النظام لمنزله في بلدة قرفا المجاورة لمدينة الشيخ مسكين، خوفاً من وصول تشكيلات الثوار للبلدة، ما أعطى الثوار دافعاً إضافياً لمتابعة عمليات التحرير، ومنذ ذاك التاريخ غاب “غزالي” عن الأنظار حتى تاريخ مقتله نهاية شهر نيسان/أبريل من العام 2015.
إيران تقطع الطريق على تشكيلات الثوار
وللمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية أعلن النظام عن انطلاق معركة جديدة في الجنوب السوري بمشاركة قوات إيرانية وميلشيا حزب الله اللبناني، بعد أن كان يتبع سياسة التعتيم الإعلامي بما يخص الميلشيات الأجنبية.
وقال الناشط أحمد المصري لـ “كلنا شركاء” إن قوات النظام والميلشيات الموالية له، وبقيادة جنرالات من الحرس الثوري الإيراني، أطلقوا أكبر معارك الجنوب السوري لفصل أرياف محافظات (ريف دمشق – درعا – القنيطرة) عن بعضها البعض، ولضمان عدم وصول ثوار درعا إلى محيط العاصمة دمشق.
وأضاف أنه بعد شهرين من المعارك المتواصلة نجحت القوات الإيرانية وقوات النظام بفرض أمر واقع على ثوار الجنوب السوري، وتمكنت من تقطيع أوصال المحافظات الثلاثة بالسيطرة على كل من (بلدة تل العدس – تل مرعي – تلول فاطمة).
وأشار المصري إلى أنه على الرغم من سيطرة مقاتلي الحرس الثوري الإيراني ولواء فاطيمون الأفغاني على مجموعة من المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية، إلا أن حجم الخسائر الكبير في صفوف تلك القوات أجبرهم على إيقاف عملياتهم منتصف شهر آذار/مارس من العام 2015.
(حزب الله) يخسر أهم معاقله بدرعا
ومنذ انطلاق الثورة السورية اعتمدت ميلشيا حزب الله على تجنيد مقاتلين من الطائفة الشيعية في سوريا واستغلت الميلشيا الوضع المالي للعشرات من الشبان الشيعية في مدينة بصرى الشام لتتخذ من المدينة مقراً لعملياتها في الجنوب السوري.
وقال مراسل الهيئة السورية للإعلام محمد الحريري لـ “كلنا شركاء” إنه عقب تقدم الميلشيات الطائفية في منطقة مثلث الموت عملت تشكيلات الثوار في محافظة درعا على ضرب هذه الميلشيات في مراكزها الرئيسة، فكانت معركة (قادسية بصرى الشام) نهاية شهر آذار/مارس من العام 2015، وفي 25 آذار/مارس تم الإعلان عن تحرير المدينة ذات الأهمية الاستراتيجية لميلشيا حزب الله
النظام يخسر آخر النقاط الحيوية في درعا
وعقب سيطرة تشكيلات الثوار على مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، أصبحت قوات النظام داخل معبر نصيب الحدودي مع الأردن معزولة تماما.
وقال الناشط عبد الرحمن الزعبي لـ “كلنا شركاء” إنه مطلع شهر نيسان/أبريل من العام 2015 أطلقت تشكيلات الثوار معركة (يا لثارات المعتقلين) الهادفة للسيطرة على معبر النصيب، وعقب الإعلان عن المعركة بساعات انسحبت قوات النظام والميلشيات الموالية له من المعبر وكامل الشريط الحدودي دون أي مقاومة تذكر.
وأضاف أنه على الرغم من خسارة النظام للمعبر إلى أن نتائج سيطرة الثوار على المعبر كانت كارثية، لما لحق به من عمليات سرقة وتخريب حالت دون صرف هذا الانجاز على الأرض بتفعيل المعبر من جديد.
مجزرة الأفغان
وفي 20 نيسان/أبريل من العام 2015، شنت الميلشيات الإيرانية وقوات النظام هجومها الأوسع على بلدة بصر الحرير شرق درعا بهدف السيطرة على الطريق الواصل بين مقر قيادة الفرقة الخامسة بمدينة إزرع ومقر قيادة الفرقة 15 غرب مدينة السويداء.
وقال الناشط سعيد الحريري لـ “كلنا شركاء” إنه مع ساعات الفجر الأولى بدأت الميلشيات الطائفية هجوماً من أربعة محاور على بلدة بصر الحرير، وذلك من خلال زحف المئات من المرتزقة الأفغان باتجاه البلدة، ومع ساعات الصباح الأولى أعلن الناطق باسم جيش النظام عن إطباق الحصار على بلدة بصر الحرير والسيطرة على عدد من بلدات اللجاة شمال درعا.
وأردف أنه في نفس وقت صدور البيان على محطات الإعلام التابعة للنظام كانت تشكيلات الثوار تتصدى للميلشيات المهاجمة وتكبدها خسائر فادحة، فعدد قتلى الميلشيات تجاوز 400 قتيلاً خلال ست ساعات، وهو الرقم الأكبر لخسائر قوات النظام وحلفائه في درعا، بالإضافة لعشرات الأسرى من المرتزقة معظمهم من الأفغان.
وأشار الحريري إلى أن القوات المهاجمة لم تتمكن من إحراز أي تقدم يذكر، لتكون الخسارة الأكبر للميلشيات الإيرانية على امتداد الجغرافية السورية.
تحرير أخر معاقل النظام بريف درعا الشرقي
مطلع شهر حزيران/يونيو من العام 2015 أطلقت تشكيلات الثوار في محافظة درعا معركة القصاص للشهداء، والتي تهدف للسيطرة على آخر القطع العسكرية لقوات النظام بريف درعا الشرقي وأكبرها (اللواء 52).
وقال الناشط محمد قداح لـ “كلنا شركاء” إن (اللواء 52) كان يعتبر حجر عثرة في وجه تشكيلات الثوار بريف درعا الشرقي، كونه يقطع أوصال المناطق المحررة، إضافة إلى أن اللواء كان يعتبر نقطة احتجاز، وتمت فيه عشرات الإعدامات الميدانية بحق مدنيين، كما أن تشكيلات الثوار كانت قد حاولت منتصف العام 2013 السيطرة على اللواء لكنها لم تفلح وتكبدت خسائر فادحة مكنت قوات النظام من السيطرة على بلدأت (الميلحة الغربية – رخم).
وأشار إلى أنه عقب الإعلان عن معركة (القصاص للشهداء) بساعات أعلنت تشكيلات الثوار عن تحرير اللواء والبلدات المجاورة، وقتل العشرات من قوات النظام، بينهم المسؤول عن المجازر داخل اللواء والبلدات المجاورة العميد (مالك ضرغام) قائد أركان اللواء.
وأضاف قداح أنه بتحرير (اللواء 52) أصبح ريف درعا الشرقي محرر بشكل كامل، بالإضافة لخط التماس الفاصل بين محافظتي درعا والسويداء، والذي يمتد لمسافة تجاوز 70 كم.
وأكد أن أشد المتشائمين في تشكيلات الثوار لم يكن يتوقع بأن تحرير (اللواء 52) هو نهاية لمرحلة الانتصارات التي استمرت لعامين ونصف، تمكنت خلالها تشكيلات الثوار من تحرير أكثر من 70 في المئة من محافظة درعا و80 في المئة من محافظة القنيطرة.



المصدر: درعا وسنوات الثورة (4 / 5)

انشر الموضوع