مايو 17, 2024

كلنا شركاء: غادة مروان- اراجيك
كان إنتاج الدراما العربية لهذا العام كثيرًا ومثيرًا للجدل، فمنها ما أثير الجدل حوله حتى قبل تصويره مثل مسلسل ساق البامبو، ومنها ما أثير أثناء عرضه وسوف نستعرض بعضًا من هذه الأعمال…
مسلسل ساق البامبو

كما نعلم أن رواية ” ساق البامبو” هي رواية الكاتب السعودي الشاب “سعود السنوسي”، والحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية في الكويت عام 2012، كما حصلت على جائزة البوكر العالمية لأفضل رواية عربية عام 2013، وعلى الرغم من أن الرواية تم تقديرها من جانب دولة الكويت، إلا أن دولة الكويت رفضت دعم العمل وبالتالي لم يتم تصويره فيها، ذلك أن العمل يتناول عدة قضايا شائكة، منها قضية “البدون” والنظرة الدونية لهذه الفئة، وإساءة المعاملة للعمالة الوافدة من دول آسيا والمنصورة في دول الخليج على وجه الخصوص.
أُسند كتابة السيناريو والحوار إلى “رامي عبد الرازق”، وهو مؤلف وناقد مصري، وذلك بتزكية من استاذه الكاتب المصري المخضرم “محفوظ عبد الرحمن”، وقد كتب رامي السيناريو باللهجة العامية المفهومة للجميع، وقام “سعود” بتكويت الحوار، ونظرًا لأن اللهجة الكويتية صعبة لغير الناطقين بها، فقد قام رامي بنشر سكريبت العمل المكتوب باللهجة العامية، حلقة بحلقة على موقع زائد 18، كي يتسنى للجميع الفهم والمتابعة وخاصة أنها رواية لها معجبين من كل الدول العربية ممن قرأوها وأرادوا أن يعقدوا مقارنة بين العمل الروائي والعمل الدرامي التليفزيوني .
وقد قام رامي بإضافة شخصية وحيدة إلى العمل وهي شخصية “نور” ابنة عمته “نورية” البطل “عيسى الطارووف” والتي أضيفت كي تصبح المرادف الإنساني والعاطفي لأزمة الهوية والقبول بالنسبة لعيسى في مقابل شخصية “ميرلا” ابنه خالته في الفلبين.
العمل يحكي عن معاناة شاب فلبيني “عيسى الطارووف” من أب كويتي وأم فيليبينية من عدم اعتراف أهل والده به كونه يحمل ملامح وجه فلبينية مما يضعها في موقف حرج وخاصة وأنهم من سادات القوم، والرفض العنيف الذي واجهه من جدته قوية الشكيمة “غنيمة”.
يظل عيسى في حيرة من أمره، وهل هو مسيحي أم مسلم، خادم أم وريث، “أنا حفيد بدرجة طباخ يا أمي”.
قام “وان هو تشونج” الكوري الأصل بدور “عيسى الطارووف” وهو ستاند اب كوميديان مشهور، ويتحدث اللغة العربية نظرًا لكونه مولودًا بالمملكة العربية السعودية، وحاليًا يعيش في دولة الإمارات، وقد أحب دوره جدًا نظرًا لأنه عانى من قضية الهوية مثل بطل الرواية.
أما دور الأم “جوزفين”، فقد جسدتها الممثلة الفليبينية “مرسيدس كابرال”، وهي ممثلة مشهورة عالميًا وعارضة أزياء وبطلة حملات إعلانية دعائية في بلدها، وقد أدت الدور ببساطة وحضور عال رغم قصره.
أما دور الجدة “غنيمة”، فقد جسدته سندريلا الشاشة الخليجية “سعاد العبد الله”، فنانة مخضرمة حصلت على العديد من التكريمات من داخل الكويت وخارجها، عن أعمال مسرحية وتليفزيونية، وقد أحسنوا الاختيار تمامًا فقد اقنعتنا بالكبرياء والغطرسة وهي سمات أساسية لشخصية الجدة والتي تؤمن بالخرافات كالحسد والنحس، تختصر أسماء الخادمات وتسب وتلعن من تكسر شيء منهن.
وقد اعتذرت عما قدمته في هذا الدور من صلف وكبر، لشريحة الآسيويين، نافية عن روحها هذه الصفات التي تكرهها ولا تشجعها.
وقد أخرج العمل المخرج البحريني الجنسية “محمد القصاص”، ويعد هذا العمل اللقاء الثاني مع الفنانة “سعاد العبد الله” حيث عملا معًا في العام الماضي في مسلسل “أمنا رويحة الجنة”.
مسلسل نص يوم

ونأتي للدراما اللبنانية ومسلسل “نص يوم”، هذا العمل الذي أحاطه السرية التامة قبل أن يرى النور، فأعمال المخرج “سامر البرقاوي” مثيرة للجدل وتتعرض لنقد عنيف، وذلك لأنه وعلى مدار السنوات السابقة كانت كل أعماله مقتبسة من أعمال اجنبية، وهو نفسه لم ينكر ذلك، وكتب على التتر أن العمل مأخوذ عن قصص أجنبية، وأنه لولا أن العمل جيد لما تابعوه ثلاثين يومًا، وأنه بذلك يشجع على قراءة الروايات العالمية.
العمل هو اللقاء الثاني للثلاثي “سامر البرقاوي – تيم حسن – نادين نسيب نجيم” بعد مسلسل “تشيللو” الذي عرض في رمضان عام 2015 ولاقى نجاحًا كبيرًا.
تدور أحداث المسلسل في إطار تشويقي مثير منذ بداية الحلقات، حيث تبدأ الأحداث بعودة “ميار- تيم حسن” من لندن، بعد غياب طويل لدفن والده صاحب أكبر مزارع زيتون في لبنان، ولتنفيذ وصيته، التي يذكر فيها اسم “يارا حداد”، وهي فتاة يتيمة كان يعطف عليها، التي تنتحل شخصيتها “نادين نسيب نجيم – سمية”، عندما تعرف أنها ستحصل على مبلغ كبير من المال بعد موت الرجل، فتتخلص هي وصديقها “جابر – أوليس مخللاتي” من يارا، ويتغير حال ميار تمامًا بعد رؤيته لسمية ويشعر أنها الحب الذي طالما بحث عنه، ويعرض عليها الزواج، وبعد زواجهم تتوالى المفاجآت في إطار تشويقي.
لعب “تيم حسن” دور “ميار” المحب المخدوع ببراعته المعهودة، ولكنني لم اقتنع باستمراره في حب “سمية” حتى بعد أن عرف أنها نصابة بل وارتكب جريمة قتل دفاعًا عنها.
أما “نادين نجيم” فهي متألقة ومقنعة في تجسيد أكثر من شخصية في نفس العمل ويبدو أنها فنانة مجتهدة وتريد إثبات وجودها بخطى ثابتة.
ونأتي للدور العبقري الذي جسده “أوليس مخللاتي” شخصية “جابر” بمنتهى الإتقان والحرفية العالية بالرغم من أنه أول عمل تليفزيوني يقدمه للشاشة، ولكننا سمعنا صوته من قبل كثيرًا، فقد قام بدوبلاج العديد من المسلسلات التركية، فهو يملك نبرة صوت مميزة، أدى دور الشرير الذي بلا هوية والذي لا يحمل أي مشاعر طيبة تجاه الآخرين، وبالتالي فالسرقة والنصب بالنسبة له كالماء والهواء، الملابس وتسريحة الشعر وحركات يده إلى جانب فهم عميق للدور ولنفسية شخص غير سوي تربى بميتم لم يعرف معنى الانتماء ولا الحرام.
رغم كل النقد الذي تعرض له العمل وأصحابه، إلا إنه عمل مثير ويجذبك حتى النهاية لتعرف ما المصير الذي ينتظر “ميار” و”سمية “.
مسلسل الندم

هو مسلسل سوري من صلب الواقع السوري المعاصر، يحكي تفاصيل إنسانية ببراعة وعمق يحسب لمؤلفه “حسن سامي يوسف”، والعمل في الأصل وكما هو مكتوب على تتر المسلسل، بالإفادة من رواية “عتبة الألم” وهي رواية “حسن سامي يوسف”، وهي بالفعل رواية تقف بنا على عتبة الألم النابع من الندم النابع من الماضي الذي يربطنا بالحاضر ويحدد مصيرنا.
عمل يحكي عن الوطن، الوطن الكبير… الوطن الصغير… العائلة… الدفء… الطمع… وجع الروح… غصة العمر… الموت.
قام ببطولة العمل مجموعة من نجوم الدراما السورية:
“محمود نصر – عروة”: يجسد شخصية مؤلف مسلسلات تليفزيونية يكتب سيرته الذاتية في رواية فنستعيد معه بطريقة الفلاش باك أحداثًا مر بها في حياته وهو في سن التاسعة والعشرين وحتى بلغ الأربعين، يكتب الأحداث وصوت القصف ودوي الانفجارات في الخلفية، الصورة بالأبيض والأسود حين يحكي عن الحاضر، وتتغير إلى الألوان حينما يشير إلى الماضي في دلالة عن قتامة الحاضر وعدم وضوح الصورة وضبابيتها.
“عروة” له ثلاثة أخوة غيره، ولكنه له مكانة خاصة عند والده “إبراهيم الغول – سلوم حداد” الرجل الذي بدأ من الصفر، حتى صار من أعيان دمشق، جسد سلوم حداد شخصية الأب المالك لزمام أمور العائلة، الحريص على مصالحهم وسعادتهم، حتى أن بعضهم “سهيل – أحمد الأحمد” ترك كل شيء هربًا من سلطة الأب، التي كانت في نظره قيد لحريته.
أما “عبده – باسم ياخور” الابن الأكبر فهو الأكثر ذكاءً بينهم، وأكثرهم حبًا للمال، ولم يجد حرجًا في فعل أي شيء حتى يؤول إليه ميراث أبو عبده.
ونأتي لأصغرهم وأضعفهم “ندى – رنا كرم” الطبيبة التي ترتبط بشاب يتم اعتقاله لعدة سنوات بتهمة غير معروفة، وبعد فترة انتظار تضطر أن تبدأ حياة جديدة خاصة بعد أن ظلت وحيدة.
جسدت دور الأم الفنانة القديرة “سمر سامي”، دور رائع ومؤثر جدًا.
دور “هناء – دانا مارديني” حبيبة عروة وزوجته رغم بساطة الدور إلا إنها جسدته ببراعة شديدة، أحببنا جرأتها وفلسفتها في الحياة وقصة عشقها لعروة، ومزقتنا ألمًا عندما مرضت ولاقت ربها وهي مازالت في ريعان الصبا.
دور “رشا – جفرا يونس” الفتاة الشابة المحبة بعروة رغم فرق السن الكبير بينهما، جسدت دورها برقة وحيوية وعفوية.
أما “سلوم حداد – إبراهيم بك الغول” فقد جسد دور الأب بعبقرية تحسب له، القوة والسيطرة والخبرة، رغم عدم حصوله على شهادة دراسية، كلمته النافذة على الجميع، وفي نفس الوقت هو رجل يحب عمل الخير للخير وليس للتفاخر، طريقة المشي الدالة على الثبات والقوة، والتي اختلفت بعد رحيل زوجته، وكأنه بعدها انكسر، سلوم حداد اعتنى تمامًا بكل تفصيلة صغيرة للشخصية التي تدرجت من القوة إلى الضعف، شخصية ابكتنا من فرط الحنان الممزوج بالقوة التي تلاشت بظهور علامات الشيخوخة “ضعف البصر – انحناء الظهر – رعشة اليدين”.
الموسيقى التصويرية للعمل “إياد الريماوي” كانت موفقة جدًا، الناي وآلة الكمان كانا ملائمين تماما لأحداث العمل.
كل هذا تحت قيادة مخرج مميز “الليث حجو”، فخرج العمل كسيمفونية رائعة متكاملة الأركان.
مسلسل سيلفي 2

يعود “ناصر القصبي” نجم الكوميديا السعودي هذا العام، والجزء الثاني من مسلسله الكوميدي “سيلفي”، الذي عود جمهوره على تقديم كوميديا ساخرة من الواقع ومثيرة للجدل في نفس الوقت، لما يلقي من ضوء على العديد من القضايا الاجتماعية والسياسية، وعلى رأسها: “تنظيم داعش – قيادة المرأة للسيارة – التعصب الرياضي – الإسكان – جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- النسب”، وكالعادة ينقسم المشاهد بين مؤيد ومعارض، ولكن العمل وجبة كوميدية خفيفة، وفي نفس الوقت يجعلك تتساءل في نهاية الحلقة عن حجم المشكلة المطروحة بوجهة نظر حيادية.
كتب العمل “خلف الحربي” مع مجموعة من الكتاب الجدد، في ورشة عمل نجحت في طرح موضوعات تلمس قضايا شائكة وتحت إشراف ورؤية المخرج “أوس الشرقي”.
العمل من بطولة: “حبيب الحبيب – محمد الطويان – عبد الإله السناني”.
بالإضافة إلى نجوم خليجيين كضيوف شرف للعمل: “هيا الشعيبي – يوسف الجراح – على المدفع – أسعد الزهراني” وغيرهم.
عمل هادف وراقي وكل مجتمعاتنا العربية تحتاج إلى صورة بنفس درجة قرب صورة السيلفي كي ترى مساوئها وتدركها وتسعى لإصلاحها حتى نستطيع العيش في مجتمع صالح.



المصدر: حصاد الدراما العربية لعام 2016: مسلسلات أثارت جدلًا كبيرًا عند عرضها

انشر الموضوع