مايو 20, 2024

حسن نصر الله: هدف تواجد عناصر حزب الله اللبناني في سوريا يهدف لما وصفه بـ”إفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد”

عبداللطيف التركي : التقرير
يحاول أمين عام حزب الله في لبنان، حسن نصر الله، تبرير وجود قوات حزب الله في سوريا، التي تقاتل بجانب نظام بشار الأسد، مع عناصر الحرس الثوري الإيراني، والجماعات الشيعية تحت مظلة الطيران الروسي، وبموافقة الولايات المتحدة الأمريكية، كما تفعل إيران في العراق التي تقاتل تحت المظلة الأمريكية.
لجأ نصر الله، إلى خطاب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عندما برر احتلاله لدولة الكويت وقال مقولته المشهورة إن “تحرير فلسطين يبدأ عبر الكويت”، نفس منطق “صدام” استخدمه “نصر الله”، الذي كان يكرر دائمًا أن سلاح المقاومة -يقصد حزب الله- لن يوجه إلى إسرائيل، ففي آخر تصريحات أمين عام حزب الله، برر وجود قوات الحزب في حلب بأنها “من أجل فلسطين”، وكأن حلب الجولان المحتلة، أو مزارع شبعا.
“حماية المزارات الشيعية”
لم يجد نصر الله من يصدقه في الزعم بأن وجود قوات حزبه تقتل السوريين إلى جانب نظام بشار بهدف “حماية المزارات الشيعية”، فلجأ إلى مقولات “صدام حسين”، ليحاول إقناع عناصر حزبه أن وجود مقاتلي الحزب في حلب السورية “من أجل تحرير فلسطين”، ووفقًا لما نقلته قناة “المنار” التابعة لحزب الله، قال نصر الله: “سنكون حيث يجب أن نكون في حلب، وفي غيرها من أجل فلسطين، وأسراها الذين يناضلون بالأمعاء الخاوية من أجل المهجرين والمحاصرين، من أجل لبنان وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من الدول.
“فزاعة” الولايات المتحدة
استخدام الأمين العام لحزب الله، أيضًا “فزاعة” الولايات المتحدة، والمنطق الصهيوني، وستار ما يسمى بـ”الجماعات الإرهابية”، وقال إن الجماعات الإرهابية استخدمت لقتل أبناء المنطقة وتدمير دول المنطقة ومحور المقاومة لمصلحة إسرائيل وأمريكا، داعيًا كل من لا يزال يحمل السلاح من كل الجماعات الإرهابية لقتل أخيه في البلد والدين إلى التنبه بأن الحصاد الأمريكي، حان لداعش والدور سيأتي على الجميع.. نحن نأسف أن هناك من يفجر نفسه وينتحر ليقتل أخيه الإنسان”.
وهم “محور المقاومة”
لا يزال نصرالله، يعيش في “وهم” ما يسمى بـ”محور المقاومة”، قائلا: “إن حزب الله هو رأس الحربة بمحور المقاومة، وهذا ما يفسر محاربته عبر الأدوات الإرهابية.. الإدارة الأمريكية صنعت الجماعات التكفيرية الواسعة التي تدرجت من القاعدة إلى داعش إلى النصرة، من أجل بث هذه الفوضى الموجودة في منطقتنا، واعتمدت واشنطن سياسة الحرب بالوكالة عبر الدعم من قبل السعودية وغيرها وعبر تقديم التسهيلات لهم وفتح حدود الدول لهم”.
منطق “ترامب”
لجأ الأمين العام لحزب الله، إلى مفردات خطاب المرشح الجمهوري للانتخابات الأمريكية، دونالد ترامب، عندما قال إن داعش صنعها الرئيس باراك أوباما، وبنفس المنطق قال نصر الله، إن داعش والجماعات الإرهابية هي ورقة في الانتخابات الأمريكية؛ لأن الجماعات الإرهابية استخدمت من قبل الأمريكيين، واليوم حان وقت التخلص منهم والاستفادة من ذلك فأمريكا، جاءت بهم ودعمتهم لتحقق أهدافها ومن ثم تعمل للتخلص منهم لتحقيق أهدافها في هذه المرحلة، وهذا ما سبق أن أعلنته سابقًا لكل الجماعات الإرهابية”.
شراء ضمائر وعقول
واستمر رئيس المجلس السياسي في حزب الله اللبناني، إبراهيم السيد، في ترديد مفردات خطاب زعيم حزبه “نصر الله”، فأوضح السيد، أن هدف تواجد عناصر حزب الله اللبناني في سوريا يهدف لما وصفه بـ”إفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد”، في الاحتفال الحاشد الذي نظمه الحزب بمناسبة مرور أسبوع على مقتل حسين حسن الجوهري حيث قال: “وجود الحزب في سوريا هو من أجل إفشال شرق أوسط جديد ثان في المنطقة”.
وتابع السيد: “إن هذا الجيل استطاع أن يفشل هدفًا تقف وراءه أكبر دول العالم، وأموال عالمية وقرارات وسياسات، ومؤتمرات وإعلام وشراء ضمائر وعقول، ومع ذلك أفشلت المقاومة الهدف في حرب “تموز” وستفشله في سوريا”.
وأضاف: “أن هذا الدم الشريف والمقدس من شأنه في التقدير الإلهي ليس فقط إفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد، وإنما سيصنع شرق أوسط جديد على قياس هذا الدم.!!”.
يؤرّخ العام 2016 للذكرى السنوية العاشرة للعدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 2006، الذي أعلن في نهايته أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله، أن مقاتليه حققوا “النصر الإلهي” على إسرائيل، إلى حد وصل ببعض الخبراء الغربيين في شؤون منطقة الشرق الأوسط إلى اعتبار أن الحزب تحول بعد هذه الحرب إلى قوة إقليمية.
منظومة تابعة للحرس الثوري
“حزب الله” الذي حظي بمكانة يومًا في العالمين العربي والإسلامي، عندما وجه سلاحه ضد “إسرائيل”، شوّه مكانته ودوره عندما وجه سلاحه لقتل السوريين، واتضح أن حزب الله في جوهره يعمل كمنظومة أمنية تابعة للحرس الثوري الإيراني، لكن ما تغير أن تورطه في الساحة السورية أدى إلى “سقوط القناع” عنه بعدما راهن الكثيرون، وخصوصًا في الداخل اللبناني على تحوله إلى حزب سياسي لبناني، فالأزمة السورية وانخراط الحزب فيها كانت نقطة الفصل في هذا المجال، وهي التي ستحدد مستقبله السياسي والأمني والذي لا يبدو أنه يتجه إلى انتصار المحور الإقليمي الذي ينتمي إليه الحزب.
اجتياح بيروت
وأكد الكاتب والباحث السياسي، مكرم رباح، أن هناك قضايا داخلية وخارجية أثرت على صورة الحزب.
وأضاف “رباح”، المرشح لنيل شهادة الدكتوراه من قسم التاريخ بجامعة جورج تاون الأمريكية، أن “هناك قضايا داخلية أثرت سلبًا على صورة حزب الله مثل انقلاب 7 أيار (مايو 2008، في إشارة إلى اجتياح حزب الله لمدينة بيروت عسكريًا حيث احتل المراكز الحزبية لخصومه السياسين وعلى رأسهم تيار المستقبل)، واحتلال شوارع العاصمة والتعدي على المدنيين”.
وأردف “لم تكن هناك مقاومة عسكرية فعلية بوجه الحزب، وكانوا بكل بساطة يقومون بحماية دويلتهم الأمنية”، طبقًا لحديثه لـ”الأناضول”.
فقدان الشرعية الوطنية
واعتبر “رباح”، أنه نتيجة لذلك بدا يفقد حزب الله الشرعية الوطنية، حيث إن البيئة الحاضنة اللبنانية التي كانت مستعدة لتأوي النازحين في حال تعرض الجنوب لهجوم إسرائيلي، هي في الوقت الحال غير موجودة وهذا أمر تعيه قيادة حزب الله، إلا أنه شدد على أنه من أهم المفاصل في تاريخ حزب الله كانت الحرب السورية أو الصراع السوري، التي حولت حزب الله من منظومة مقاومة للعدو الصهيوني أو إسرائيل، إلى ميليشيات تشارك في محاولة إنقاذ حليف إيران في المنطقة، في إشارة إلى النظام السوري.
الحدود اللبنانية
وأضاف “رباح”، “لا يمكن لحزب الله إرسال مقاتلين للموت إلى ما لا نهاية في سوريا، وتحوله إلى منظمة تقوم بالمشاركة في الصراع الروسي الإيراني في المنطقة، كما أن جثث قتلاه العائدة من سوريا إلى الجنوب ستؤثر في البنية الاجتماعية للطائفية الشيعية، وبالتحديد مناصري حزب الله؛ لأن النزيف الداخلي سواء بالنسبة للجرحى أو القتلى ليس قليلًا.
وبحسب الباحث السياسي، فإن سوريا بطبيعتها مستنقع وهي أتون لأي ميليشيا، وأي تنظيم عسكري غير سوري يقاتل ضمن سوريا، ووصف الحزب بأنه قوة احتلال لأنه يقاتل خارج أرضه، وقيادة حزب الله بالتحديد، ومنذ بداية الصراع تردد أنها غير معنية الحدود اللبنانية، وأن مقاتلي الحزب سيقاتلون ويتواجدون حيث يطلب منهم ذلك”.
التيار الناصري
ويتابع “رياح”، هذا أمر يرفضه الشعب اللبناني، وأعتقد أن الشيعة بدأوا يتساءلون لماذا نقاتل دفاعًا عن بشار الأسد ونظامه؟”، معتبرًا أن الحاضنة الشعبية الشيعية للحزب تزعزعت لأكثر من سبب.
وأضاف، أن حزب الله، فقد قدرة “توازن الردع” مع إسرائيل التي لطالما تغنّى بها، حيث إن الصواريخ التي يملكها لن تنفع لا ضد إسرائيل، ولا سوريا بعد أن ذهب بملء إرادته إلى سوريا، وبالتالي استدرج إلى حرب إقليمية أضعفته.
وأوضح سببًا آخر لفقدان قدرة الردع عند الحزب، وهو أن هناك أمرًا يقيد حزب الله، وهو أنه طالما ينتمي لمحور تكون فيها روسيا حليفته فهو سيكون غير قادر على بدء أي حرب ضد إسرائيل.
وأشار إلى أن الحزب فقد صورته ومكانته في العالم العربي خصوصًا أنه في مرحلة من المراحل حظي بمكانة التيار الناصري، بمعنى العداء لإسرائيل، ولم يكن يلجأ لاستنهاض العداية السنية الشيعية، لكن محاولة حزب الله التعرض لسيادة بعض الدول إن كان في اليمن أو البخرين خلقت نوعًا من العداء والفتن وخلقت نوعًا من الغضب السني والمسلم ضده، مع تبعيته لإيران خصوصا مع القرار السعودي الواضح بالتصدي لكل محاولة لإضعاف حلفائها في المنطقة من لبنان إلى سوريا والبحرية واليمن”.
المخططات الإقليمية
ويرى “رياح”، أن الحزب كان واحدًا في كل الأوقات، هو منظومة تتبع الحرس الثوري الإيراني، وكان اللبنانيون يطمحون لأن يقوم حزب الله بفصل لبنان عن مخططاته الإقليمية وهذا لم يحصل، لذا فإن حزب الله لم يتغير بل ما تغير هو نظرة الناس إليه واكتشافه على حقيقته بعدما صارت مواقفه على المحك في المنطقة”.
الحلف الثنائي الإيراني – السوري
وقال الكاتب والمحلل السياسي، لقمان سليم، إن هناك مرحلتين مهمتين تطبعان مسيرة حزب الله في العقد الأخير، موضحًا أن الأولى تبدأ من عام 2006، وما تلاه وكانت مرحلة مد حيث أمكن لحزب الله أن يتوسل بالحرب التي خاضها على حساب اللبنانيين “حرب تموز/يوليو 2006″، تلميع صورته محليًا وعربيًا وإسلاميًا.
ونوّه بأن هذه المرحلة بدأت تنتهي منذ قيام الحلف الثنائي الإيراني – السوري، والذي كان حزب الله شريكًا فيه، وذلك في أعقاب الثورة السورية عام 2011، منذ ذلك العام تغير الميدان بالكامل، ورأى أنه “لنعرف ماذا تغير في حزب الله، يجب أن نسأل ماذا تغير على رقعة انتشار حزب الله عسكريا؟”.
وأوضح أن حزب الله اعتاد، أن يتوجه جنوبًا نحو الحرب مع إسرائيل بكل مجهوده الحربي والإعلامي، والآن صار يتوجه شمالًا إلى شمال سوريا، هذا التغير في جغرافية المعركة يمكنه أن يدلنا على المستقبل الذي ينتظر حزب الله”.
هل يملك حزب الله قراره؟
أشار سليم إلى أن مصير حزب الله صار إذن متعلقًا بالمنحى، الذي يتخذه الصراع في سوريا، وهو بالتأكيد وإن طال ليس ذاهبًا ليصب في مصلحة الحلف الإيراني – الأسدي، الذي ينتمي إليه حزب الله، وبالتالي لن ينتهي كما تشتهي إيران بترميم النظام الديكتاتور السوري”، لكن لماذا يستمر “حزب الله” في المعركة في سوريا فيما تتواصل خسائره على المديين القصير والطويل بشكل واضح؟، ويعلق سليم: “الإجابة تردنا إلى السؤال المفتاح، هل يملك حزب الله قراره؟، وهل صنع القرار يتم في حارة حريك (لضاحية الجنوبية لبيروت) أم في طهران؟”.
وأشار إلى أن الكثير من المحللين وصانعي السياسات في الغرب اعتقدوا أن حزب الله سيتخذ المسار الذي تتخذه قوى التحرر الوطني أي أن يميل من العنف إلى الاتخراط في العملية السياسية (اللبنانية) مع الوقت لكن ما حصل أنه عندما أراد الإيراني التدخل في سوريا لحماية حليفه بشار الأسد، رأينا أن إيران أرسلت كتيبتها اللبنانية إلى سوريا، في إشارة إلى الحزب.
وشدد على أنه “بانخراطه في سوريا قضى حزب الله على كل فرصة للثقة به للعودة إلى الانخراط في الحياة السياسية اللبنانية، ومهما كانت خطب قيادات حزب الله عالية النبرة فهذا لن يغير بأن ما يحصل في سوريا هو هزيمة كبرى ليس لحزب الله، فحسب بل لكل ما بناه الشيعة من اعتناق للوطنية اللبنانية”.
قدرة الردع
وعما إذا كان الحزب ما زال يحتفظ بقدرة الردع بوجه أعدائه وتحديدًا اسرائيل، بيّن سليم أن “قوة الردع لا تقاس بالمدفعية والصوراريخ، بالتأكيد حزب الله ما زال منظمة أمنية قوية وربما يملك بأسا أمنيًا وعسكريًا تقر به غالبية خصومه ومنهم إسرائيل”.
واستدرك قائلا: “إذا كان الحزب جاهزًا للردع الأمني الآني قصير المدى، فهو ليس كذلك بالنسبة للردع الاستراتيجي طويل المدى”، وأعطى مثلا “كيف يتصرف حزب الله إزاء التغيير الديموغرافي الراهن في لبنان نتيجة اللجوء السوري حيث جعل من السنة يصلون الى نحو 2.5 مليون نسمة مقابل نحو مليون شيعي فقط، هذا أمر مواجهته تكون بسياسة طويلة الأمد وليس بالغطرسة الأمنية”.
وخلص إلى القول بإنه بين 2006 و2016 خلع حزب الله القناع، وأسفر وجهه الحقيقي، كان بطلا لبنانيا وتحول إلى مرتزق يعتاش ويأتمر بالقرار الإيراني”.



المصدر: (حزب الله) والمستنقع السوري.. من حماية المزارات الشيعية لتحرير فلسطين

انشر الموضوع