مايو 16, 2024

مضر الزعبي: كلنا شركاء
ليس ببعيد عن الحرب المفتوحة التي يشنها النظام على شعبه، ومع استمرار حالة الجمود على جبهات الجنوب السوري للشهر السادس على التوالي، اتبع أساليب جديدة كان لها في حربه على شعبه، حربٌ تحولت إلى فكرية ونفسية لن يظهر تأثيرها إلا بعد حين.
واتخذت هذه الحرب أشكال مختلفة لكلٍ منها آثاره المجتمعية الخطرة، فمن ترويج المخدرات إلى اللعب على وتر الفتنة العشائرية، مروراً بالتهجير وليس انتهاءً بتجار الحروب الذين يمتصون دماء أهل درعا.
تهجير ميسّر عبر الحواجز
سلاح التهجير، على سبيل المثال، كان عنواناً بارزاً للمرحلة السابقة، فمنذ منتصف عام 2015 وعقب الانتصارات الكبيرة التي حققها الثوار في حوران وخصوصاً بعد أن سيطروا على مدينة بصرى الشام أواخر شهر آذار/مارس معقل الميلشيات في الجنوب، واللواء 52 منتصف شهر حزيران/يونيو آخر معاقل النظام في ريف درعا الشرقي، بدأ النظام بالترويج للهجرة نحو الشمال السوري.
ومنذ نهاية شهر حزيران/يونيو فتح طريق تهريب، وكان المستغرب وقتها أن المهربون يخرجون الشباب عبر مجموعة من الحواجز التابعة لقوات النظام وميلشيا الدفاع الوطني في السويداء التي كانت تشرف على العملية.
وقال الناشط أحمد المصري لـ “كلنا شركاء”: “كنا نعتقد في البداية أنه يتم إخراج الشبان وخصوصاً الثوار من مقاتلي الجيش الحر فقط من أجل حصول ميلشيات النظام على الأموال، حيث أنهم كانوا يتقاضون مبلغ 100 ألف ليرة سورية مقابل كل شخص، ويتم تأمين الطريق له حتى يصل إلى البادية السورية، لكن مع مرور الوقت وبعد أن كبر عدد الشبان الذين خرجوا باتجاه الشمال السوري، عرفنا أن فتح طريق التهريب كان بهدف تفريغ المناطق المحررة”.
وأضاف بأن النظام نجح وسط غياب للفعاليات الثورية التي لم تقم بحملات توعية لتعريف الشباب بمخاطر الهجرة نحو الشمال وتفريغ المناطق المحررة في الجنوب السوري، وأكد أن عدد من نزح من الجنوب السوري باتجاه الشمال السوري وصل إلى أكثر من 10 آلاف شخص.
وأشار المصري إلى أن المهربين كانوا يسلكون طريقاً من وسط مدينة السويداء، ويتواجد عليه حواجز لكل من (المخابرات الجوية – المخابرات العسكرية – ميلشيا الدفاع الوطني) وبعدها يتم تسليمهم لمهربين في مناطق سيطرة تنظيم “داعش” في البادية السورية.
غرقٌ بالمخدرات
حربٌ مجتمعية يشنها النظام في درعا من خلال المخدرات، فخلال الفترة الماضية انتشرت ظاهرة ترويج المخدرات في المناطق المحررة من الجنوب السوري بشكل كبيرن وقد بدأت عدد من الفعاليات الثورية حملات توعية لتعريف الشبان بمخاطر تعاطي المخدرات.
وقال الناشط خالد العبد الله لـ “كلنا شركاء” إن النظام في الأشهر الأخيرة بات يعمل على إغراق المناطق المحررة بالمخدرات من أجل ضرب معاقل الثوار من الداخل، وبهدف الكسب المالي، حيث أن الجميع بات يعرف طريق عبور المخدرات من منطقة البقاع في لبنان باتجاه الجنوب السوري ومنه إلى بقية الدول العربية.
وأشار إلى أنه في الفترة الأخيرة تم ضبط العشرات من تجار ومروجي المخدرات في المناطق المحررة بعضهم من جنسيات عربية، وأن تعامل الفعاليات الثورية مع ملف المخدرات كان جيداً لحد ما، ففي الأشهر الأخيرة أصدرت محكمة دار العدل قانوناً خاصاً بالمخدرات تصل فيه العقوبة للإعدام، كما تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات القادمة من مناطق سيطرة قوات النظام.
الفتن والتخوين
وكعادة النظام منذ أن استلم السلطة في سوريا، عمل على زرع الشقاق بين السوريين، وكان يلعب على وتر الطائفية والعشائرية والمناطقية، ومع بداية الثورة السورية كانت أساليب النظام تتطور، حيث عمل وبكل قوة على زرع فكر التكفير والعمل على صبغ الثورة السورية به، ومنذ اليوم الأول للثورة بدأ يتحدث عن الإمارات السلفية والتكفيرين، في حين التف ثوار حوران حول علم الثورة لذلك عمل النظام على أسلوب جديد لا يقل خطراً عن التكفير وهو التخوين.
وقال الناشط عبد الرحمن الزعبي لـ “كلنا شركاء” خلال الأشهر الثلاثة الماضية كان واضحاً وقوف ماكينة النظام خلف حملات التخوين بحق أهالي حوران، فاستغل جمود الجبهات في حوران من أجل ضرب مهد الثورة، وذلك لمعرفة النظام التامة بأن قلعة كالثورة السورية لا يمكن أن تنتهي إن لم تضرب في صميمها، ولمعرفته أن زرع الشقاق بين الثوار والمناطقية هو أنجع من آلة النظام العسكرية والطيران الروسي والميلشيات الطائفية.
بدوره، قال عضو الهيئة السورية للإعلام عمار الزايد لـ “كلنا شركاء” إن التخوين لا يقل خطراً على الثورة السورية من التكفير، وعلى جميع السوريين من أبناء الثورة أن يكونوا على قدرٍ كافٍ من الوعي لضرب مخططات النظام الهادفة لتمزيق الثورة وجعلها مناطقية ليسهل عليه ضربها فيما بعد.
وأشار إلى أنه من حق الجميع الانتقاد والتصويب وكشف أي خائن لكن بعيداً عن تخوين منطقة بأكملها والسير خلف ماكينة النظام الهادفة إلى ضرب الثورة، فلا أحد يستطيع تبرير تقصير حصل نتيجة لمجموعة من الأسباب لكن بالمقابل لا يحق لأحد تخوين أهل حوران.
المصالحات
منذ بداية الشهر الحالي روج إعلام النظام للمصالحات في عموم محافظة درعا، فتحدثت أن عدداً من أهالي درعا وصل إلى قرابة 9 آلاف شخص دخلوا في مصالحة في شهر آب/أغسطس.
وقال الناشط هاني العمري لـ “كلنا شركاء” إن مهزلة المصالحات التي قامت بها أجهزة النظام الأمنية تندرج ضمن سلسلة الخطوات التي قام بها النظام لزرع الشقاق بين السوريين، حيث كان يريد أن يقول للسوريين إنه ومع الحملات على مدينة حلب وداريا فإن درعا تدخل بالمصالحات، وكان يبث أخباراً عن أرقام خيالية لعدد من دخل في المصالحات.
وأضاف بأنه على الرغم من العروض الكبيرة المقدمة من النظام للأهالي ومنها إخراج المعتقلين وتأمين الخدمات الأساسية وتوقف القصف، إلا أن جميع عروض النظام لم تلق آذاناً صاغية من الأهالي، ولم يسجل دخول أي منطقة في حوران بمصالحة مع النظام، فالنظام كان يسعى طوال الشهر الحالي على رفع علمه في أي منطقة محررة، ولكنه فشل.
وأشار إلى أن العدد الحقيقي لمن توجهوا نحو مناطق سيطرة النظام وحضروا مسرحية المصالحات التي أقيمت في كل من مدينة الصنمين شمالي درعا ومركز مدينة درعا لا يتجاوز 750 شخصاً معظمهم من الموظفين المفصولين أو أشخاص لا علاقة لهم بالثورة، تم وضع أسمائهم على حواجز النظام نتيجة لإشكالات شخصية مع مخبرين النظام في بدايات الثورة.
شبكة المصالح
النظام عمل على شبكة مصالح عن طريق الميلشيات الموالية له، تتولى هذه الشبكة مسؤولية عمليات التهريب وإدخال وإخراج البضائع، وكان لهذه الشبكة تأثير كبير على المناطق المحررة.
وقال المهندس قاسم الأحمد لـ “كلنا شركاء” إنه ومنذ منتصف العام الماضي بدأ النظام يتبع أساليب جديدة في الجنوب السوري، ومنها شبكة المصالح فأولى خطوات هذه الشبكة كانت استجرار معظم محصول القمح لعام 2015، وقد فتحت قوات النظام بفتح ثلاثة طرق من أجل هذا الأمر.
وأشار إلى أنه ونتيجة لمجوعة من الإجراءات التي اتخذت في الموسم الحالي خصوصاً رفع التسعيرة تم الحد من استجرار القمح باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، كما أن النظام وعبر شبكات التهريب بدأ بتسهيل مرور المحروقات من مناطق سيطرة تنظيم “داعش” في الشمال السوري باتجاه الجنوب.
وكانت تجارة السلاح هي أحد أهم الأمور التي اعتمد عليها النظام، حيث بدأ بتسهيل عمليات تجارة السلاح من الجنوب باتجاه الشمال السوري عبر مجموعة من قادة الميلشيات التابعين لقوات النظام.
كل هذه الأمور مجتمعة أثرت على محافظة درعاـ وهدوء جبهات المحافظة لا يعني انتهاء مخططات النظام ومكائده للمحافظة، حيث يعمل بكل ثقله على ضربها من الداخل وإيجاد شقاق مع باقي المحافظات الثائرة ولا سيما الشمال السوري.
اقرأ:
ميليشيات النظام في السويداء تفرج عن عدد من مخطوفي درعا



المصدر: حربٌ مفتوحةٌ من نوعٍ آخر في درعا

انشر الموضوع