أبريل 29, 2024

جورج غرة: ليبانون فايلز
قبل استكمال هذه الأسطر نؤكد اننا نحترم كل شخص لاجئ هرب من الموت والدمار، ونحترم كل شخص أتى من سوريا الى لبنان للبقاء فيه لمدة ريثما يعود الأمان الى منطقته، ونحتقر كل شخص أتى من سوريا إلى لبنان وقتل أهلنا وقواتنا المسلحة، ونحتقر كل شخص لبناني غرر به ليحمل حزاما ناسفا ويقتل اهله وشعبه في الضاحية الجنوبية وعبرا وغيرهما، ونحتقر ايضا كل لبناني إنضم الى الجماعات الإرهابية المسلحة وحمل السلاح في لبنان او خارجه في العراق وسوريا.
مؤخرا، اتخذ الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب المثير للجدل قرارا بمنع رعايا 7 دول من الدخول الى الولايات المتحدة الأميركية وهي العراق وسوريا وإيران وليبيا والسودان والصومال واليمن لمدة 3 اشهر، وبوقف توطين اللاجئين من تلك الدول لمدة 120 يوما، هذا القرار أخذ حيّزا واسعا من الجدل في المجتمع الأميركي والعالمي وأدى الى ردود فعل عالية النبرة في وجه ترامب من قبل المؤسسات الحقوقية والإنسانية في اميركا وخارجها، ولكن لم نسمع صوت الفئة الأخرى التي تؤيد هذا القرار.
لا شك بأن هذا القرار المفاجئ من ترامب أثار ريبة من طالهم، ولكن لماذا اتخذ ترامب قرارا كهذا؟ اليس لحماية بلاده من التسرب الإرهابي من تلك الدول التي تشهد النزاعات والحروب الذي قد يحصل بنسبة 0,01 بالمئة ويتسبب بكارثة إرهابية؟ أليس لأن أوروبا تعيش بمرحلة من الخوف والحذر بعد عشرات العمليات الإرهابية التي طالتها من داعش وأخواتها؟
لا شك ان قرار ترامب هذا كان مجحفا بحق شريحة كبيرة من اللاجئين والمسافرين والعاملين من تلك البلدان في أميركا، وكان يجب ان يراعي شرائح عدة، وقد تم إستثناء حملة التأشيرات الدبلوماسية والرسمية الذين يعملون لدى مؤسسات دولية. ولا شك أن ترامب سمع ردود فعل كثيرة من قادة دول أوروبيين وغيرهم، ولكن هؤلاء لو طبقوا قرارا مماثلا معدلا مع التشدد ببعض الملفات والأشخاص لكانوا تفادوا الهجمات الإرهابية التي تعرضوا اليها، وتلك التي قد يتعرضون اليها.
لا شك ان اميركا ساهمت في الحروب في تلك البلدان وخصوصا في ليبيا واليمن والعراق وسوريا وغضت النظر عن نزاعات عدة ودعمت حصولها فهي ليست الملاك البريء ابدا، وهي تخشى في كل لحظة من ردة الفعل بطريقة إرهابية نحوها، لذلك اتخذ ترامب هذا القرار، لأنه ليس مستعدا لتحمل موت اي اميركي في حدث إرهابي.
هذا كله ولن نغوص في قصد ترامب من قراره وفي المواقف العالمية منه والجدال الطويل الذي سيستمر، ولكن ما أثارني هو المواقف اللبنانية من قبل “عشاق” النازحين السوريين والمنظمات التي تدعي انها انسانية وحقوقية، ومن اليساريين ومن لف لفهم، كما من بعض المتطفلين على وسائل التواصل الإجتماعي، فما دخل لبنان بقرار كهذا ولماذا يتدخل اللبناني بكل شيء يحصل في الخارج قبل ان ينظر الى بيته الداخلي؟
هل نسيتم جوقة الشتامين التي هاجمت وزير الخارجية جبران باسيل عندما اطلق الصرخة بضرورة وقف النزوح السوري الى لبنان؟ فهذه الجوقة ذاتها اليوم تشتم ترامب على قرار تحصين بيته الداخلي، مع العلم ان كل هذه الدول تقول عن اميركا انها “مصاص الدم” ويتزاحمون للذهاب اليها، لماذا لا تفتح هذه الجوقة منازلها للنازحين وتقدم ملابسها وأكلها لهم؟ ام انهم فقط يطلقون المواقف أمام شاشات هواتفهم؟
لو اتخذ لبنان قرارا كهذا منذ 5 سنوات بمنع دخول اللاجئين السوريين وغيرهم الا فيما خص الحالات الانسانية، لما كان الإرهاب تسرب معهم الى لبنان، ولما كان الجيش في كل مداهمة لمخيمات سورية للنازحين في كل لبنان يوقف العشرات من المطلوبين والمسلحين، وفي تلك المخيمات كانت المنظمات الإنسانية والحقوقية توزع لهم المساعدات قبل وصول الجيش بدقائق.
لو إتخذنا هذا القرار في لبنان لما كنا تعرضنا لعشرات التفجيرات الإرهابية الإنتحارية في الضاحية والبقاع والشمال وكل لبنان. وما كنا لنوقف عشرات الإرهابيين كل يوم في لبنان، فهل تعرفون ان السجون اللبنانية تعج بالسوريين الإرهابيين من داعش والنصرة وغيرها من التنظيمات الإرهابية؟
لو لم نفتح حدودنا في لبنان على مصراعيها لمن يريد الدخول ولو ضبطنا الحدود بشكل حازم في البداية، لما كان تسرب مئات الإرهابيين الذين ينتظرون الاوامر من الرقة وغيرها لتنفيذ العمليات الإرهابية، وهؤلاء يسكنون بيننا ومن يقول خلاف ذلك هو كاذب، وحتى ما كان الإرهاب ليتغلغل في الشباب اللبناني في الشمال وبعض مناطق الجنوب والمثال الأصغر أحمد الأسير وجماعته وإنتحاري الكوستا.
لبنان لا يقوم بحماية نفسه من الإرهاب بشكل حقيقي، والأجهزة الامنية مشكورة تعمل بجهد ضخم وبإمكانيات عادية، ولكن لو إتخذ القرار السياسي من سنوات لكنا تفادينا ما حصل ويحصل وما سيحصل.
هذا من جهة الأمن، أما من جهة الإقتصاد فحدث ولا حرج، فلبنان إنهار اقتصاديا بفعل وجود مليون ونصف المليون سوري على ارضه إضافة الى عوامل اخرى من توقف السياحة بسبب التفجيرات الإرهابية والحرب السورية وغيرها من الامور، واللبناني اصبح لا يجد لنفسه عملا بسبب مزاحمة اليد العاملة السورية له، واصبح اللبناني يعاني يوميا من الجرائم والسرقات واعمال النصب والإحتيال، وإطلبوا جردة من قوى الامن فستحصلون على النسب الحقيقية.
هل تعرفون المخططات الأوروبية وغيرها لملف النازحين في لبنان؟ هل تعرفون ان الدولة اللبنانية نائمة على حرير؟ هل تعرفون ان هناك سعيا جديا لدمج السوريين في المجتمع اللبناني؟ وذلك كله لأننا نمد يدنا ونستجدي المجتمع الدولي لمساعدتنا في تحمل اعباء النزوح السوري، فلكل شيء ثمن، فدولتنا التي اتخذت القرارات الفاشلة فيما مضى تتحمل مسؤولية كل ما يحصل وكل ما سيحصل، ويجب محاكمة كل من وقف في وجه قرار كان يجب ان يتخذ وان يكون شبيها لقرار ترامب، مع العلم ان ترامب بعيد آلاف الكيلومترات عن تلك الدول ولبنان بعيد متر واحد.
تريدون القول عني إني عنصري ووصفي بأبشع الأوصاف؟ قولوا… لأنني لبناني اتكلم بلسان الغالبية الصامتة وبلسان كل لبناني قتل بسبب الإرهاب وكل لبناني عاطل عن العمل، وكل لبناني مفلس، وكل لبناني تعرض لسرقة ولجريمة ولإعاقة ولإغتصاب، وكل لبناني يعرف ان مستقبله ليس في بلده بل في الغربة بسبب وجود سعي جاد لدمج السوريين في لبنان. ففي هذا القرار انا مع ترامب وانا مع اتخاذ لبنان قرارا مشابها واقسى من ذلك باسرع وقت ممكن، ومن يريد الإنتقاد فلينتقد أمام شاشته وقرب نرجيلته. 


المصدر: جورج غرّة: لو فعل لبنان منذ سنوات ما فعله ترامب في أسبوع… إشتموا جبران باسيل بعد!

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك