أبريل 27, 2024

هل التقاط صور السيلفي مرتبط بالنرجسية؟ جواب هذا السؤال معقد.

توصلت أبحاث سابقة إلى وجود روابط مهمة -لكنها محدودة نسبياً- بين التقاط صور السيلفي والنرجسية. وتوصلت أبحاث أخرى إلى عدم وجود أي ارتباط جوهري بينهما. غير أن بعض الأبحاث توصلت إلى أن تلك الرابطة لدى الرجال أكبر منها لدى النساء. قد يكون هذا التناقض في نتائج الأبحاث راجعاً إلى أن صور السيلفي ليست كلها متساوية. وتُظهر الأبحاث أن الأفراد النرجسيين يميلون إلى التقاط صور سيلفي وهم حدهم  أكثر من ميلهم لالتقاطها مع أشخاص آخرين. وبينما ركز معظم الباحثين على ارتباط كم التقاط صور السيلفي بالشخصية، تعمقت القليل من الدراسات في الأسباب التي تدعو الأشخاص لالتقاط صور السيلفي. ومن تلك الدراسات الدراسة الجديدة التي أجرتها إرين كوتيربا وزملاؤها، ونُشرت مؤخراً في مجلة Media Psychology.

تُعرَّف النرجسية بأنها تعظيم للذات مصحوب برغبة في إثارة الإعجاب وانعدام التعاطف مع الآخرين. واستبيانات الشخصية التي تقيس النرجسية تقسم هذه الصفة إلى عدة مكونات:

  • القيادة/السلطة: شعور المرء بأنه مهم ويجب أن يكون مسؤولاً عن أشخاص آخرين.
  • الاستحقاق/الاستغلال: شعور المرء بأنه يستحق امتيازات خاصة واستعداده لاستغلال الآخرين.
  • حب الظهور: رغبة المرء في الاستعراض وأن يكون مركز الاهتمام.

وفي هذه الدراسة شارك 276 طالباً جامعياً في استبيان لقياس النرجسية. ثم قدّروا عدد صور السيلفي التي التقطوها الأسبوع الماضي، سواء بمفردهم أو مع أشخاص آخرين. وأجاب المشاركون أيضاً على سؤال مفتوح عن دوافعهم لالتقاط صور السيلفي.

وأظهرت النتائج أن جانباً واحداً بعينه من النرجسية -وهو حب الظهور- كان السمة الشخصية الوحيدة المرتبطة بأخذ صور السيلفي، وصور السيلفي المنفردة على وجه الخصوص. ولم يكن حب الظهور مرتبطاً بالتقاط صور سيلفي تضم أشخاصاً آخرين. ورغم أن هذا الارتباط كانت له دلالته الإحصائية، فلم يكن كبيراً بهذه الدرجة. ولذا لم يكن حب الظهور سوى عامل محدود يجعل الناس أكثر ميلاً لالتقاط صور سيلفي وهم وحدهم.

وقسّم الباحثون إجابات السؤال المفتوح عن الدوافع وراء التقاط صور السيلفي إلى فئات مختلفة وحسبوا النسبة المئوية لإجابات المشاركين في كل فئة:

  • النرجسية: على سبيل المثال: “أعتقد أنني جذابة ولا أجد مشكلة في قول ذلك”، 29.5%.
  • المشاركة والتواصل: على سبيل المثال: “أريد مشاركة خبراتي مع أصدقائي”، 23.3%.
  • الاستخدام الوظيفي: على سبيل المثال: “أنا رياضي مدعوم مالياً. إنها وظيفتي”، 22.80%.
  • تعزيز احترام الذات: على سبيل المثال: “حتى أشعر بالرضا عن نفسي”، 15.54%.
  • الذكريات: على سبيل المثال: “توثيق الذكريات”، 5.7%.
  • مجاراة التيار: على سبيل المثال: “هذا ما يفعله الشباب، والأمر ليس سوى تيار سائد أسير معه”، 3.1%.

وكما يظهر في القائمة أعلاه، كانت الدوافع النرجسية هي الأكثر شيوعاً. لكن المشاركة والتواصل والاستخدام الوظيفي جاءا بعده في المرتبة الثانية والثالثة. وهكذا، رغم أن ما يقرب من ثلث المشاركين أشاروا إلى دوافع نرجسية وراء التقاط صور السيلفي، ذكر أكثر من 70% أسباباً أخرى. ومن المثير للاهتمام أن هذه الدوافع النرجسية لم تكن مرتبطة بمستوى نرجسية المشاركين.

وإذاً، إذا كان لدى 30% من المشاركين دوافع نرجسية وراء التقاط صور السيلفي، فهل يعني ذلك أن الشباب نرجسيون؟ بالنظر إلى أن هذه الدوافع لم تكن مرتبطة بمستوى نرجسية المشاركين، فهذا يشير إلى احتمالية وجود بعض العوامل الأخرى. يقول الباحثون إن استنتاج أن هذا يدل على نرجسية الشباب سابق لأوانه. ويشيرون إلى أن الشباب يميلون إلى التركيز بشكل أكبر على أنفسهم، ولكنهم ليسوا بالضرورة أكثر نرجسية من غيرهم. إذ إن المخاوف المتعلقة بالبحث عن الهوية وكيفية تقديم النفس للآخرين تظهر بقوة في سن الرشد.

كما أن الدوافع التي يصنفها الباحثون على أنها نرجسية قد لا تشير بالضرورة دائماً إلى النرجسية. إذ كان على الباحثين تصنيف الردود المفتوحة وإدراجها في واحدة من فئات الدوافع الست. وفي الواقع، يمكن تفسير الدوافع التي تعكس حركة “إيجابية الجسم” بأنها نرجسية، باستخدام هذه الطرق لتصنيف ردود المشاركين، اعتماداً على طريقة صياغة المشاركين لإجاباتهم. ولم تأتِ في فئة تعزيز احترام الذات سوى نسبة محدودة (15%) من المشاركين باعتباره دافعاً لالتقاط صور السيلفي، ولكن ربما لا يذكر الناس هذا الدافع باعتباره الدافع الرئيسي لالتقاط صور السيلفي، حتى لو كان تعزيز احترام الذات هو دافعهم الكامن.

 لذلك قد يقول بعضهم: “أنا أنشر صوري السيلفي لأنني راضٍ عن جسدي وأرغب في التباهي به”، لكن هذا قد يعني “لقد عملت بجد لأصبح راضياً عن جسدي، وأريد أن يرى الآخرون ذلك ويشعروا بالقوة أيضاً” أو” أصبحت أخيراً راضياً عن شكلي، لكن ما زلت بحاجة إلى تأكيد ذلك من الآخرين”. وفي الواقع، أظهرت بعض الأبحاث أن النرجسية الهشة، وهي شكل من أشكال النرجسية الأكثر انطوائية حيث يتأرجح المصابون بها بين الشعور بالكبرياء والخجل، متصلة بالتقاط صور السيلفي المرتبطة بالمظهر الجسدي. وهذا يشير إلى أن التقاط صور السيلفي قد يشير أحياناً إلى انعدام الشعور بالأمن.

يشير هذا البحث إلى أن دوافع التقاط صور السيلفي المتمركزة حول الذات شائعة، ولكنها ليست بالضرورة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنرجسية. وعلاقة النرجسية بالتقاط صور السيلفي ليست سوى جزء محدود من الصورة الكاملة.

هذا الموضوع مترجم عن مجلة Psychology Today الأمريكية.

مقالات الرأي المنشورة في عربي بوست لا تعبر عن عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك