أبريل 18, 2024

ترك برس

تحاول الحكومة التركية مع تزايد اهتمامها بالأمن السيبراني، تجنيد الآلاف من الشباب للتدريب في الشؤون السيبرانية. وفي هذا السياق، نظّم مركز التدخل الوطني لمكافحة الهجمات السيبرانية (أوسوم) مسابقة أطلق عليها اسم “سايبر ستار” اجتذبت 27.000 شابا.

وقد وجد بعض قراصنة الإنترنت السابقين مستقبلا جديدا لهم، لكن لممارسة القرصنة الأخلاقية في تكنولوجيا المعلومات لصالح الحكومة التركية. وقد تحدث أحدهم (أ. س 18 عاما)، مع المونيتور شريطة عدم الكشف عن هويته، عن تجربته في عالم تكنولوجيا المعلومات، وقال:

“كان لدي ولع بأجهزة الحاسوب منذ المدرسة الابتدائية، ثم تحول هذا الولع في المدرسة الإعدادية إلى هوس… لم أكن على ما يرام في المواد الدراسية الأخرى؛ لأنني كنت أمضي وقتي كله في البرمجيات التي أصبحت في نهاية المطاف وظيفتي بدوام كامل. في العام الماضي، كنت أعمل خبيرا بدوام جزئي في مجال الأمن السيبراني لصالح الحكومة براتب 1000 دولار في الشهر”.

قصة أ. س تشبه قصص مئات الشباب الآخرين

فاتح سايان رئيس هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية (بي تي كي) التابعة لوزارة النقل البحري والاتصالات قال للمونيتور إن على تركيا أن تواجه القرصنة من خلال تطوير أساليب استباقية ووقائية، بالإضافة إلى أساليب دفاعية تفاعلية. وتنسق هيئة تكنولوجيا المعلومات قدرات الدولة السيبرانية المدنية، وتعمل مع الأفراد والمنظمات لتطوير إمكانات تركيا الحقيقية في العالم الافتراضي.

في عام 2016، كانت تركيا من بين أكثر عشر دول تعرضت لهجمات إلكترونية. وقد استهدفت معظم هذه الهجمات صفحات المؤسسات العامة على شبكة الإنترنت، سعيا إلى شلها أو جمع معلومات استخبارية.

وتقول السلطات إن انقطاع التيار الكهربائي في مارس/ آذار 2015، الذي كلف تركيا 700 مليون دولار، وانقطاع التيار الكهربائي قبل ذلك بعام  كان بسبب هجمات إلكترونية على شبكة الكهرباء الوطنية، كما كان انقطاع الإنترنت في جميع أنحاء البلاد في ديسمبر/ كانون الأول بسبب الهجمات الإلكترونية. وقال وزير الاتصالات، أحمد أرسلان، إن المؤسسات العامة تعرضت في عام 2014 لـ209 هجمات إلكترونية، زادت في عام 2016 إلى 8560 هجمة.

وقد أنشئ مركز “أوسوم” لمكافحة الهجمات السيبرانية، وتعزيز الأمن، وتحديد مرتكبي تلك الهجمات، وإعلام المؤسسات العامة بها. وينشط نحو 400 فرعًا لهذا المركز في جميع أنحاء البلاد.

في عام 2016، أصدرت وزارة الاتصالات استراتيجية تفصيلية لتطوير هيكل الأمن السيبراني في تركيا. ومنذ ذلك الحين، عقدت الوزارة اجتماعات إقليمية ونظمت مسابقة الإنترنت الوطنية للعثور على قراصنة مهرة في تركيا، كما ظهرت العديد من الدوريات والنشرات عن الأمن السيبراني في العامين الماضيين، مما يدل على الاهتمام المتزايد بهذا المجال.

وفي الوقت الذي تخطو فيه الأنشطة السيبرانية في تركيا في المجال المدني خطوات كبيرة، فإن جهودها في الجيش متراجعة جدا. ومن الحقائق الصعبة أن القدرة الفكرية للقوات المسلحة التركية تعرضت للضرر بسبب سلسلة عمليات التطهير التي أعقبت محاولة الانقلاب الساقط  في الخامس عشر من يوليو/ تموز .

في عام 2013، أنشأت الحكومة قيادة الدفاع السيبراني داخل الجيش، وفي عام 2015 أدمج  أمن تكنولوجيا المعلومات في وثيقة سياسة الأمن القومي، لكن لا توجد بعد أي علامة على وجود رؤية استراتيجية أو خارطة طريق لكيفية تحقيق أهداف الوثيقة.

وقال الخبير في الأمن السيبراني ألبر بشاران للمونيتور إن الحرب السيبرانية لم تصبح بعد قدرة تقليدية للجيوش النظامية، ولهذا السبب فإن القدرة على الحرب السيبرانية ليست مسألة موارد، وإنما  تأتي من المعرفة والدراية التقنية. كل ما يتطلبه الأمر اليوم هو جهاز حاسوب محمول للوصول إلى معلومات واسعة حول تنظيم الهجمات الإلكترونية.

وقال باشاران/ “إن أى شخص تحركه أيدولوجيات قومية ودينية أو يأمل في الحصول على أموال يمكنه شن هجمات خطيرة على أهداف في دول أخرى دون ترك آثار”، مضيفا أن “الهجمات على تركيا تتم حاليا بالاستفادة من الثغرات الامنية” .

وبحسب باشاران، يجب على تركيا تحديد هذه الثغرات على الصعيد الوطني من خلال توفيق البرمجيات والمعدات الحاسوبية.

وقد كشفت الأبحاث التي أجرتها شركة مكافحة الفيروسات في تركيا في وقت سابق من هذا العام أن 42٪ من أجهزة الحاسوب في تركيا مصابة ببرامج ضارة. وقال باشاران: “إن هذا يعني أن حاسوبا من بين كل حاسوبين في تركيا استهدفه شخص ما”.

وقال ريهان غونر الذي يحضر أطروحة الدكتوراه في الأمن السيبراني: “إنه في الوقت الذي يناقش فيه العالم سيناريوهات يوم القيامة السيبرانية، لا تزال تركيا تحاول اللحاق بالقطار… لكننا نواجه خطر نظريات المؤامرة والسيناريوهات غير ذات الصلة التي من شأنها أن تخفف من القضية الحقيقية. هناك القليل جدا من العمل الأكاديمي في مجال الأمن السيبراني. لدينا عجز في خبراء الأمن السيبراني يصل إلى 15 ألف خبير. تركيا لديها المال والإرادة السياسية لتعزيز الأمن السيبراني وقدرة الحرب. لكن المشكلة الحقيقية هي الافتقار إلى الموظفين المؤهلين”.

في المقابل فإن أوغوز كاغان بيهليفان، الذي يحضر أطروحة الدكتوراه في قانون الاتصالات والأمن السيبراني في جامعة بيلجي، لا يعتقد أن أسوأ مشكلة في الأمن السيبراني في تركيا هي الافتقار إلى الموظفين المدربين. ويرى أن المشكلة الحقيقية هي الافتقار إلى الهياكل الأساسية الأخلاقية والقانونية والتكنولوجية وغياب المأسسة.

وقال بيهليفان: “البيانات الضخمة هي النفط الجديد. أين يوجد هذا النفط؟ يؤدي توزيع كابلات الألياف البصرية تحت الماء في جميع أنحاء العالم وطرقها إلى خلق وضع جيوسياسي جديد. في القرن التاسع عشر كان مضيق باب المندب ذا أهمية بالغة لمستعمرات الغرب في الشرق، أما اليوم فالمهم هو طريق كابلات الألياف البصرية التي تمتد إلى الهند والصين من أوروبا.

وأضاف: “عندما تتحدث عن الحرب السيبرانية،  فإن هناك قدرا من الردع بين اللاعبين الكبار، مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة، لكن خطر الحرب السيبرانية ليس رادعا لدول مثل إيران وسوريا ولبنان وكوريا الشمالية. وهذا هو السبب في أنه يتعين على الدول أن تطور استراتيجيات وتكتيكات  سيبرانية هجومية ودفاعية نشطة، وأن تدرب الموظفين المطلوبين، وهذا ما تحاول تركيا القيام به”.

يجب على تركيا كذلك التوصل إلى مبادئ أخلاقية وقانونية متينة لتجنب تصور “الأخ الأكبر يراقبك”. ومن المحتم أننا نتجه إلى مجال نقاش جديد حول خصوصية المواطنين مقابل متطلبات أمن الدولة.

المصدر: ترك برس

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك