أبريل 24, 2024

كلنا شركاء: تايم- ترجمة أمجد المنير

تبدو الصورة كأنها من فيلم سينمائي، سريرٌ مكسورٌ مغبرٌّ، ركامٌ على الأرض، نافذةٌ صفراء مهشَّمة يُغطي حطامها كل شيء، تماماً كل شيء، ويجلس على طرف السرير ذلك الرجل، يحمل غليونه يدخن ويستمع لجهاز التسجيل، هذه هي حلب.

يُعرف هذا الرجل باسم محمد محي الدين أنيس، “أبو عمر”، وهو جامع سيارات قديمة. هذه الصورة أُخذت بتاريخ 9 آذار/ مارس، وانتشرت منذ ذلك الوقت على نطاق واسع كرمز يُعبر عن مأساة الأطفال الذين يتحملون عبء هذه الحرب التي أوشكت على دخول عامها السابع.

هذه ليست المرة الأولى التي نلتقي فيها أبا عمر. في مطلع عام 2016 كتب كرم المصري من وكالة الأنباء الفرنسية قصة مؤثرة عنه، عندما كان يعيش في حي الشعار الذي يسيطر عليه الثوار ولديه 30 سيارة مسجلة باسمه. ولكن مع تحول الحرب وانتقال السيطرة من يد الثوار إلى يد النظام بعد معركة كبيرة فقد فعلت سياراته ذلك أيضاً.

كان رئيس مكتب بيروت لوكالة الأنباء الفرنسية سامي كيتز قد عاد برفقة المصور جوزيف عيد إلى حلب مؤخراً لاستشعار وطأة الحرب على السكان. أرادا متابعة قصة المصري مع السيارات القديمة، وبمجرد وصولهما إلى حلب قادهما السكان إلى منزله. ذكر كيتز في تقريره أن ثلث سيارات الرجل سُرقت أو دُمرت.

يقول عيد لصحيفة التايم “طرقنا على البوابة الفولاذية الخضراء وفتح هو لنا الباب بنفسه” بالنظر إلى وضع الرجل يضيف عيد “وجدنا أنفسنا مضطرين للبحث عميقاً في حياته”، دخلنا معه في جولة في أرجاء المنزل عندما لفت نظرنا جهاز الجرامافون. يقول عيد “أخبرنا أنه لازال يستخدمه بل ويستخدمه كثيراً هذه الأيام لأنه جهاز ميكانيكي ولا يحتاج إلى كهرباء لتشغيله” ويضيف عيد “ثم اقترح علينا أن يشغل لنا بعض الأسطوانات على جهاز الجرامافون لكنه قال إنه لا يمكنه الاستماع إلى الموسيقى دون التدخين من غليونه”.

لذلك انتظرا حتى أشعل أبو عمر غليونه، أدار الأسطوانة الموسيقية وجلس يستمتع بالألحان على سريره المكسور، في غرفته المدمرة، في منزله المحطم، في مدينته المنتهكة، في بلده الممزق. “لقد وضع أحد أغانيه المفضلة” يضيف عيد، كان لحناً عربياً قديماً للمطرب السوري محمد ضياء الدين. يكمل عيد “إنه إنسان مرتبط بماضيه، والأشياء التي كان يعتز بها ويحبها دائماً، من دون هذه الأشياء سيفقد هويته”. يضيف “لهذا السبب يصر على البقاء وإعادة حياته مرة أخرى”.

إنه مشهد لا يُنسى. يقول عيد “كلما شعرتُ أو سأشعر بأي نوع من اليأس أو الاستسلام لمشاكل الحياة، سأتذكر دائماً صورة أبي عمر وهو يدخن غليونه جالساً على سريره المحطم يستمع لموسيقاه المفضلة”.

يظن عيد أن السبب الذي دفع الناس لنشر ومشاركة هذه الصورة ربما “لأن الناس سئموا من العنف”. إن هذا الخدر وعدم الاكتراث الذي يدخل قلوب هؤلاء يسمح لهم أخيراً أن يغمضوا أعينهم في سلام. بالنسبة له “هذه الصورة تلمس روح الإنسان وقلبه”.

المصدر : كلنا شركاء

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك