أبريل 19, 2024

انتقد ناشطون ما اعتبروه مزيدا من عسكرة السلطة في مصر بعد إصدار السيسي قرارا بتعيين مستشار عسكري لكل محافظة، بينما صدّق على قانون يمنع ضباط الجيش السابقين من الترشح لأي انتخابات دون موافقة الجيش.

وحسب التعديل القانوني الذي أقره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فسيكون لكل محافظة من المحافظات الـ 27 بمصر مستشار عسكري وعدد كاف من المساعدين يقوم بتعيينهم وزير الدفاع.

وستكون لهؤلاء المستشارين العسكريين صلاحيات واسعة، تتمثل حسب القانون الجديد بتمثيل وزارة الدفاع بالمحافظات، والمتابعة الميدانية للخدمات والمشروعات، والتواصل المجتمعي مع المواطنين بشأن المشكلات، والتنسيق مع الجهات المعنية في الأمور الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، والتنسيق مع الجهات التعليمية لتنفيذ منهج التربية العسكرية.

كما منح القانون صلاحيات أخرى للمستشارين العسكريين، أبرزها المشاركة في اجتماعات المجلس التنفيذي للمحافظات، وعقد اجتماعات مع القيادات التنفيذية إذا لزم الأمر، ورفع تقارير إلى وزارة الدفاع أو أي جهات معنية في الأمور التي يختص بها.

وشهدت مواقع التواصل كثيرا من التعليقات الغاضبة، اعتبرت ما حدث نوعا من المضي في اتجاه عسكرة الدولة وسيطرة  الجيش على مفاصل الدولة ونشاطاتها الاقتصادية والخدمية.

وتحدثت تقارير محلية في السنوات الأخيرة عن سيطرة الجيش على نصف الاقتصاد المصري، على خلاف ما ذكره السيسي أواخر عام 2016 من أن النشاط الاقتصادي للجيش يعادل نحو 2% من حجم الاقتصاد.

وتقول وكالة رويترز إن الجيش قام بتوسيع دوره في عهد السيسي بما في ذلك مجال الاقتصاد إذ يملك شركات تعمل في مجالات تمتد من الغذاء إلى إنتاج الأسمنت.

عسكرة وأخونة

وتولى السيسي السلطة منتصف 2014 بعد نحو عام من قيادته انقلابا عسكريا أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي الذي كان أول رئيس جمهورية مدني منتخب في مصر المعاصرة، علما بأن السيسي كان وزيرا للدفاع عندما قاد الانقلاب الذي جاء على وقع احتجاجات شعبية طالبت بانتخابات مبكرة.

والمثير أن الاحتجاجات التي خرجت في يونيو/حزيران 2013 كانت تتهم مرسي بأخونة الدولة (أي بمنح المناصب لأعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها والتي فاز حزبها بأكثرية أصوات البرلمان) ثم جاء السيسي المنتمي للجيش لينفذ ما يصفه معارضوه بعسكرة الدولة بوتيرة متصاعدة.

وحسب صفحة الموقف المصري على فيسبوك، فإن منصب المستشار العسكري للمحافظة ليس جديدا في حد ذاته حيث كان موجودا من الستينيات إبان حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، لكن دوره كان بروتوكوليا ومحدودا جدا ويتعلق أساسا بقوات الدفاع الشعبي، التي كانت مكلفة بحماية الأماكن المدنية في حالة الحرب.

لكن المنصب يعود هذه المرة باختصاصات واسعة، منها الإشراف على المشروعات، والتواصل مع المواطنين ومتابعة تقديم الخدمات، وهي أمور يفترض أنها من صلب اختصاصات المحافظ والمجالس المحلية.

المنع من الترشح

وبالتوازي مع عسكرة المحافظات، صدّق السيسي أمس الأربعاء على تعديلات قانونية جديدة تمنع ضباط الجيش السابقين من الترشح لأي انتخابات دون موافقة الجيش، وهو ما اعتبره ناشطون رغبة في إغلاق الطريق أمام أي معارضة محتملة للسيسي من جانب قادة الجيش السابقين.

وكان مجلس النواب الذي يكاد يخلو من معارضة قوية للسلطة قد وافق على هذا التعديل في السادس من يوليو/تموز الجاري.

وفي السابق، كان يُحظر فقط على ضباط الجيش الذين لا يزالون في الخدمة ممارسة أي نشاط سياسي أو خوض انتخابات دون إذن الجيش، لكن التعديلات الجديدة تمنع أيضا حتى من انتهت خدمتهم من الترشح لأي انتخابات سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو حتى محلية.

قائد أركان الجيش السابق سامي عنان أراد الترشح للرئاسة بعد خروجه من الخدمة لكنه وجد طريقه إلى السجن (رويترز)

عنان وقنصوة

وبدا واضحا خوف السيسي من منافسة ضباط كبار له، عندما ألقت السلطات القبض على سامي عنان رئيس أركان الجيش السابق في عام 2018، بعد أن اتهمه الجيش بالسعي لخوض الانتخابات الرئاسية دون إذن.

وحسب وكالة رويترز فقد ينظر إلى عنان في ذلك الوقت على أنه المنافس الرئيسي للسيسي في محاولته للفوز بفترة رئاسة ثانية، وظل عنان في السجن حتى أُطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ولم يكن عنان في الخدمة وقت إعلانه اعتزامه الترشح، لكن الجيش قال إن عنان كان مستدعى للخدمة العسكرية بعد التقاعد، بينما نفى متحدث باسم عنان مخالفة أي قوانين.

ولم تقتصر الملاحقة على عنان، ففي 19 ديسمبر/كانون الأول 2017، قضت محكمة عسكرية بحبس العقيد أحمد قنصوة الضابط بالجيش ست سنوات لإعلانه عبر مواقع التواصل الاجتماعي اعتزامه خوض انتخابات الرئاسة في مواجهة السيسي.

وفيما يتعلق بقانون منع الترشح للعسكريين، تشكك صفحة الموقف المصري في مدى اتساقه مع الدستور والقوانين المصرية، حيث إنه يحرم أي عسكري حتى لو استقال أو تقاعد من الترشح في أي انتخابات حتى لو كانت الانتخابات المحلية التي لا علاقة لها بالسياسة وإنما ترتبط أساسا بالأمور الخدمية.

وحسب الصفحة فإن الشخص العسكري هو مواطن له حقوق، وإذا كان يمكن تقييد بعضها وفق شروط وظيفته فإن هذا يكون في حدود معينة خصوصا لأصحاب المناصب القيادية والأمنية الحساسة، وبعض الدول تفرض فترة معينة قبل استعادة الحقوق السياسية لضمان عدم استغلال المنصب السابق، لكن دستوريا لا يمكن تعميم حرمان المواطنين من حقوقهم السياسية مدى الحياة بهذا الشكل المطلق.

مزيد من الأخبار http://www.qamishly.com

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك