أبريل 24, 2024

المحامي هيثم المالح: كلنا شركاء
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك مشكلة اسمها المشكلة الكردية ، وللبحث في أية مشكلة يجب الرجوع إلى جذورها :
في المـــاضـــي
وحاضـرها اليـوم
ومستقبلها غداً
إن من أهم أسباب ظهور القضية الكردية اليوم يرجع إلى الجذور حين اعتقد الأكراد أنهم شعب متفرد كالترك والفرس ، مع أن الدراسات التاريخية والمراجع العربية ككتاب نهاية الأرب للنويري والاشتقاق لابن دريد ووفيات الأعيان لابن خلكان “وهو كردي” ومروج الذهب للمسعودي تنص بما لا يقبل الشك أن الأكراد في أصلهم عرب ينحدرون من أربع قبائل واحدة يمنية وثلاث مضرية .
ولكنَّهُ كُرْدُ بنُ عَمرِو بنُ عامرِ( )
لَعَمْرُكَ ، ما الأكْرادُ أبناءُ فارسٍ
والسؤال الذي يجب أن نسأله : كيف تهيأ للأكراد هذا التقوقع في نسيج خاص .. ؟ والجواب أن الأكراد هاجروا من الجزيرة العربية وصعدوا في شمال العراق وفي خراسان وحتى هراة فاكتسبوا لغتهم من مزيج من العربية والفارسية واللغات المحلية .. ولكن كثيراً منهم لم يتخلوا عن لغتهم العربية .
عاش الأكراد في العصور الإسلامية ومنذ العهد الأموي ضمن كيان الدولة الإسلامية شأنهم شأن بقية الأمم والشعوب الإسلامية وقد استطاعوا أن يرسموا صوراً مشرقة في تاريخنا السياسي ، والاجتماعي ، والعلمي ، ومساهمتهم في تحرير بعض أجزاء العالم الإسلامي على يد محمود زنكي وصلاح الدين الأيوبي “كمثال على ذلك” وتمتلئ كتب تراجم العلماء والفقهاء والمؤرخين بأسماء علماء من الأكراد ومن يرجع إلى كتاب وفيات الأعيان يجد مثالاً على ذلك .
كان مجيء الأكراد من الشمال لمحاربة الصليبيين أن عادوا للانتشار في العالم العربي ولكن مجيء العثمانيين دفعهم إلى التحصن بالمناطق الجبلية والوعرة كما في شمال سوريا وشمال العراق .
إن مقام الأكراد في الجبال منعزلين أبقى على لغتهم وعاداتهم ، وقد كانت الدولة العثمانية إلى أواخر حياتها تعامل الأعراق الأخرى معاملة سيئة ، إلى جانب تحول حكم العثمانيين إلى الاستبداد الأمر الذي أثار ردة فعل لدى الأكراد فتقوقعوا على أنفسهم ، وحين سادت فكرة القوميات في نهاية القرن التاسع عشر وبداية العشرين برز الأكراد بقوميتهم شوكة في جانب القوميات الأخرى .
في الوقت الحاضر : الناظر إلى الأكراد ومناطقهم يرى أن هناك جوراً وظلماً قد أصاب الأكراد كما أصاب غيرهم بسبب الإهمال الشديد لمنطقة الجزيرة شمال شرق سوريا “بصورة أدت إلى تخلفها” ، فالمدنية والحضارة متأخرة عن المناطق الأخرى والسلطة الحاكمة تمنع عن الأكراد هوياتهم وجوازات السفر وتضّيق عليهم في أحوالهم السياسية والأمنية .
فأصل البلبلة هنا هو الصراع القومي الذي برز والذي أذكاه الشيوعيون الأكراد لجعل المناطق الكردية نواة لدولة شيوعية في المنطقة .
السؤال الآن : هل يحق لكل قبيلة أو عنصر أن ينفصل بنفسه ويكوِّن دولة خاصة به ؟ بمعنى هل يحق لقبائل عنـزة أن تقيم لها دولة وكذلك الروَلة.. بالطبع لا.. ؟ .
ثم إن العالم اليوم يتكتل في تجمعات تعطي أفرادها مزيداً من الرخاء والتقدم ، فها هو الاتحاد الأوروبي ، والاتحاد الهندي ، والاتحاد الإندونيسي ، والاتحاد الكندي ، ودول الكومنولث ، والاتحاد الإفريقي ، خير مثال على ذلك .
فكيف لنا أن نقبل بأن ينسلخ قسم من العرب الأكراد عن الوجود العربي ، وللنظر الآن إلى شمال العراق فهناك بوادر انفصال كردي كما هناك من يسعى إلى مثل ذلك في سوريا وتركيا وإيران : مما يعني التوجه إلى تمزيق العالم الإسلامي والعربي فوق تمزقه وإضعافه فوق ضعفه .
ما أراه أن الحل السليم هو أن ينخرط الأكراد في المجتمعات المحيطة بهم ، و يجري إنصافهم ، كما البعد عن العصبية القبلية المقيتة .
دمشق 09/06/2005



المصدر: المحامي هيثم المالح: القضية الكردية.. (في الماضـي وحاضرها اليوم ومستقبلها غداً)

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك