أبريل 19, 2024

مضر الزعبي: كلنا شركاء
فضلت كالملايين من السوريين أن تكون لاجئةً على أن تكون أداة بيد السلطة، وقررت الكلام والكتابة عن مملكة الخوف وسنوات الظلام التي عاشها السوريين خلال نصف قرن من حكم آل الاسد لسوريا، فكانت روايتها (مذكرات روح منحوسة).
لم يتفاجأ السوريون بموقف الفنانة والكاتبة (واحة الراهب) المناصر لمطالبهم بالحرية والكرامة ودولة المواطنة، واحة التي خرجت من منزل سياسي كان له مواقف مناهضه للظلم والاستبداد.
في حديثٍ مع “كلنا شركاء” تحدثت الفنانة عما آلت إليه سوريا على الصعيد السياسي، مبديةً رأيها بالدستور الروسي الذي تريد روسيا تمريره كدستور لسوريا، وعن آخر كتاباتها، مسهبةً في آخر أعمالها، وكيف أثرت ثورة السوريين في كتاباتها:
واحة الراهب كمواطنة سورية كيف تنظر للدستور السوري التي تم طرحة من قبل الروس؟
الدستور أهم قيمة لتسير حياة الناس وتحدد قيمهم وتعاملهم وهوية الدولة، بالنسبة للدستور وحتى ولو كان مكتوبا بالشكل الذي تم طرحه من أفضل أشكال الدساتير، ولم يحمل أي شائبة أو نقيصة، ولكن تقديم دستور للسورين من قبل دولة خارجية محتلة لبلدهم و مساهمة بتدمير مدنهم و بنائهم التحتية ومشافيهم و مدارسهم ومساهمة بقتلهم بهدف إطباق السيطرة على سوريا أرضا و شعباً، أنا شخصيا أعتبره قمة الإهانة بالشعب السوري، خصوصاً وأنه مستبعد عن صياغة هذا الدستور، و بالتالي هو مستبعد عن تقرير مصيره ومستقبله ، خاصة وأن روسيا أثبتت معاداتها للشعب السوري وفتكت بكل قواه الحية لصالح عدوه الأساسي وهو قوى النظام.
وكان سبق لقوى المعارضة طرح مجموعة أفكار للدستور الذي تتوافق عليه الكثير من قوى المعارضة المشكلة لأغلبية الشعب السوري ومنها دستور عام 1950 التي أجمع عليه الكثير السوريين وحقق توافقا بين أغلبية فئات الشعب السوري.
أما فرض دستور على الشعب من قبل دولة محتلة ينسف بحد ذاته احتمال قيام دولة المواطنة التي يدعيها هذا الدستور الروسي، في الوقت الذي لم يتوقف به القصف والتهجير القصري الممنهج الواقع على الشعب السوري منذ ستّ سنوات إلى الآن، رغم الهدنات الموقعة بين الطرفين.
الأولوية هي لإيقاف القتل و تدمير المدن و تهجير الشعب السوري و التغيير الديمغرافي التي يحدث في سوريا، لن يكون هنالك مصداقية لأي شيء يطرح قبل اتفاق مبدئي على وقف العنف.
هل يختلف الدستور الروسي عن الإصلاحات التي طرحها بشار الأسد أول أيام الثورة السورية؟
في الحقيقة ذكرني بإعلان النظام بداية الثورة وقف العمل بقانون الطوارئ (الغاء حالة الطوارئ) وقتها كتبت، أنه مع الغاء حالة الطوارئ تم إنزال الأمن والجيش والدبابات تقتحم المدن و تقتل، فلو استمروا بحالة الطوارئ ماذا كانوا فعلوا؟
نفس المبدأ، تغيرات بالاسم فقط والعكس تمام، للأسف المبدأ يطبق في هذا النظام والأنظمة الاستعمارية الحليفة له روسيا و إيران، دائما أٌقوالهم عكس أفعالهم وهم لا مصداقية لهم.
الدستور الروسي يتناقض مع مصلحتنا لأنه يلتف على الثورة و يتقصد تطويعها من الخلال نسف مطالبها بالحرية و العدالة والديمقراطية طالما هو مفروض عليها من قوة أحتلال.
كيف تنظر واحة الراهب أبنة الساحل السوري لمشاريع التقسيم لسوريا؟
هذه المشاريع هي استعمارية قديمة حديثة، وكان السفير الأمريكي (فورد) قد بشرنا بأحلامهم الاستعمارية في وقت سابق، طرح خمسة أشكال لتقسيم في سوريا و أن سوريا لم تعد سوريا ومؤسسة (رند) الأمريكية طرحت هذا الشيء عن التقسيم بسوريا، أنا لا أعتقد أن أي سوري وطني يخاف على بلده يمكن أن يقبل بمخطط استعماري يهدف لإضعافنا لأقسى درجة أكثر مما نحن عليه في الوقت الراهن، بحيث لا تقوم قائمة لهذا الشعب و البلد، و يتركونا ونحن بحالة صراعٍ بين أجزاء مقسمة، ما بين أبناء وطن واحد لصالح عدو خارجي مستعمر خارجي، دون أن يزجّ هذا العدو بأي مقاتل من مقاتليه لتحقيق مصالحة أسهل طريقة هي تقسيمنا وتجزيئنا أكثر مما نحن عليه الآن.
وأنا أتمنى أن يكون كل السوريين على مستوى الوعي الكامل لبشاعة المخطط، و ضرره على وجود سوريا و بقائنا كسوريين و الهوية السورية، وهذا المخطط من بداية الثورة كان يعمل به على قدم وساق من قبل الأطراف الخارجية التي أصبحت محتلة لسوريا، وإلى ألآن لم يتحقق ما أرادوا.
كيف أثرت السنوات الستة من الثورة على واحة الراهب الكاتبة والفنانة؟
كانت هذه المأساة غير المسبوقة بتاريخ الشعوب أكبر من أن تتجاهلها أو أن تمر عليها مرور الكرام و بالتالي كانت مادتي الخصبة التي استمديت منها قضيتي و موضوعي للحديث عن الآم و مأساة هذا الشعب و القضية السورية ككل، بدأ من السيناريو التي كتبته باسم (مملكة الخوف) التي يتحدث عن بداية الثورة السلمية ، التي كانت منتصرة لغاية اقتحام قوات النظام لأحياء مدينة (حمص) المحاصرة ، وتدمير المدينة على رؤوس سكانها يوم عيد الحب عام 2012 ،و انتهاءً بروايتي (مذكرات روح منحوسة).
مذكرات روح منحوسة!.. لماذا اخترت هذا الاسم للرواية؟
أردت أن أتكلم عن هذه الروح التواقة للطواف بحرية والانتقال من أمكنة و أزمنة و أرحام أمهات متعددات، استعرضت بها قرناً من تاريخ سوريا، لتستقر برحم الأم التي ابتكرت هذه الروح، وأن تتجسد بجسد رجل. اخترت أماً في زمن يدعو لتفاؤل وهو زمن الخمسينات في وقت كانت سوريا تشهد ديمقراطية و وحدة عربية ما بين سوريا ومصر، وطنة هذه الروح أنها تقدر أن تحقق حلمها بالحرية لكن للأسف تكتشف من بداية مولدها ، وهو يوم الوحدة التي يعتبر لبعض الناس يوم حظ و للأخرين يوم نحس كونه يوم إقحام العسكرتالية لإجهاض الديمقراطية في سوريا، وبالتالي من لحظة ولادة هذه الشخصية تعيش حالة إيمانه بأنه شخص منحوس نتيجة حالة الرعب و الخوف التي عاشها كل السوريين نصف قرن من لحظة مولد الشخصية إلى وقتنا الراهن، وهي تحكي عن تجربة هذا الشخص التي ولد بعصر الخوف  وتم إجهاض كل أحلامه بالتحرر والانعتاق على كل المستويات الاجتماعية و السياسية وتحقيق الكرامة والحرية وأهداف الثورة الحلبية إلى الوقت التي يعيش الثورة مع هؤلاء الناس الثائرة، ويكسر حاجز الخوف، هذه الروح كانت تميل للنحس لولا الثورة.
هل أنت ممتنة لثورة السورية كونها مكنتك من الكتابة بحرية؟
بالتأكيد أنا ممتنة للثورة لشيء أكبر بكثير، كونها حققت حلما كان غير قابل للتحقق، وهو الحريةـ وحتى إن لم نتمكن من تجسيد هذا الحلم إلى الآن بكل أشكاله، لكن على الأقل نحن قادرون على ملامسة هذا الحلم وملامسة عشقنا للحرية وتحقيق كرامتنا وحياتنا ومستقبل أطفالنا والقدرة على التغير، إضافة إلى أن كسر حاجز الخوف لدى الناس، هو معجزة تحققت عبر هذه الثورة.
كانت فكرة الرواية ما قبل الثورة ولكن دائما كنت اشعر أني مكبلة بقيود، لا أستطيع أن أقول كل أفكاري بحرية، وحتى وإن تكلمت سأدفع الثمن ولن أجد الجهة التي تتبنى هكذا رواية بأفكار حرة. وفي الثورة أطلقت لمخيلتي التعبير عن رحلة الخوف التي عاشها السوريين لأكثر من نصف قرن، و تكلمت عن أعظم تجربة بالتاريخ، وهي التجربة السورية التي ستدرس بكل العالم لأجيال قادمة، وتمكنت من تحقيق فرصتين في الكتابة عن التجربة السورية و أجسد أحلام شعبنا بشكل أو بآخر، وتجربته البطولية بمواجهة أعتى أشكال الظلم.
بالانتقال إلى دورك في مسلل (اوركيديا) التي يضم مجموعة من نجوم الدراما السوريين من المعارضين و الموالين للنظام.. وقد شهدنا تجاوز معظم نجوم الدراما السورية للاصطفافات السياسية فكيف تنظرين لهذه الحالة؟
أنا مشاركة في المسلسل بدور الملكة الأم (بادية) وسعيدة بالمشاركة بهذا العمل مع مجموعة من الممثلين السوريين بكل الألوان، وأعتبرها ظاهرة إيجابية مهمة جدا تتمثل بلم شمل السوريين، السوريين الذين لم تتلطخ يديهم و أسماءهم بدماء السوريين.
وقد شاركت بمثلها بمسلسل (حمام شامي) للمخرج (مؤيد الملا) قبل ثلاثة أعوام، وكنا جميعا كفنانين بشكل عام متعالين على محاولة الأخرين جرنا للعبة استعداء بعضنا البعض، وهذه اللعبة لا علاقة لها بالفن، هي لعبة أمراء الحرب و اصحاب المصالح و القتل و الدم ، والفن يجب أن يرتقي عن هذه الأمور ، وألا يكون مطية لأحد وألا يكون قائما على حساب شعبه، بالعكس تماما الفن مجسد لأحلام ومعاناة شعبه ويجب ألا يفقد الفن دوره الإبداعي وهدفه الإنساني الأسمى الهادف لخلق توافق وتقارب بين الشعوب وهدم الهوة بين الشعوب، فما بالنا بأبناء الشعب الواحد مهما انتسف الجسر بينهم سيكون في المستقبل للفنانين دور برأب الصدع بين السوريين ولم شملهم.


المصدر: الفنانة واحة الراهب لـ (كلنا شركاء): فرض الدستور من دولةٍ محتلةٍ هو قمة الإهانة

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك