أبريل 26, 2024


يبدو أن اﻷكراد المقادين من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا أصبحوا وسيكونون بشكل متصاعد عرضة لحالة مرعبة وهجمات عنيفة من قبل النظام، هذه الحالة كان تلافيها ذريعة دائمة لقيادييهم لتبرير كل ما مارسوه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً على اﻷرض السورية منذ انطلاقة الثورة في ربيع عام 2011.فالانقلاب الذي حققه الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) على صعيد السياسة الخارجية التركية، والتي ارتبطت عضوياً بمعطيات أساسية في الملف السوري، بدءاً من إعادة العلاقات الروسية التركية إلى مسارها السابق ﻹسقاط الطائرة، مروراً بتكثيف الاتصالات والزيارات والتفاهمات مع الجارة اللدود (إيران)، أدت بصورة تلقائية إلى قبول صريح أن يكون (بشار اﻷسد) طرفاً في مرحلة انتقالية في سوريا.هذا التغيير اﻷساسي تلقفه كل من النظام واﻷكراد (المقادين من قبل صالح مسلم وحزبه) في سوريا، على أنه بداية نهاية التوافق الاستراتيجي الذي طبقوه معاً بإشراف أمريكي وروسي وأحياناً إيراني أيضاً، وأن الوقت قد حان للانطلاق في مرحلة فك الارتباط وإثبات القوة الحقيقية لكل طرف في مناطق التوافق والتنسيق السابق، لتنفجر المعارك بين الطرفين في الحسكة، منذرة باتساع قد يطال عدة اتجاهات جغرافية في سوريا.وإذا كان النظام قد أدرك أن التقارب والتنسيق التركي الروسي اﻹيراني سيكون في مواجهة اﻷمريكيين، فإنه أدرك تلقائياً أن ذلك سيتحقق عملياً في حالة واحدة، وهي في ضرب عملائهم الرئيسيين على اﻷرض، والمتمثلين بقوات الحماية الكردية واﻷسايش التابعين لحزب صالح مسلم PYD، والذين لم يتأخر النظام في توصيفهم بالجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني في غزل سياسي واضح لتركيا.ولكي لا يستغل تنظيم الدولة هذا التطور الجديد، فإن تركيا ستتكفل على ما يبدو بلعب دور أكثر تأثيراً على اﻷرض في مواجهته، والسعي لتحقيق تزامن أسرع بين عملية انحسار التنظيم وقضم أطراف قوات الحماية الكردية، وجر الولايات المتحدة لتدخل أكثر سفوراً لحماية عملائها من اﻷكراد في سوريا، بسحب ذريعة وجود التنظيم في المناطق التي يمتدون إليها، وبالتالي فضح جانب مهم من نهجها التقسيمي في هذا البلد، والذي انتهجته في العراق سابقاً، وما تزال.وبالتأكيد فإن نظام بشار اﻷسد لن يكتفي على ما يبدو بالرصيد العسكري والسياسي لصفقته الحالية، والتي تلبس ثوب الحفاظ على وحدة سوريا في مواجهة أي تقسيم عرقي، والذي كان بالتناغم أيضاً مع التصريحات التركية، بل سيسعى لتحقيق العوائد المالية المغرية، التي يمكن أن تحصل من هذه الصفقة، والتي كانت إرهاصاتها اﻷولى اتهام الجناح العسكري في سوريا لحزب العمال الكردستاني بسرقة النفط، ملقياً الضوء أمام مؤيديه على اﻷرض لما يمكن استعادته من عوائد مالية ضخمة يستأثر خصومه من اﻷكراد بها بسيطرتهم على مناطق نفطية رئيسية.كما أن النظام بدأ على الفور قصف (إحرص) في الريف الشمالي لحلب، بما لها من دلالة وأهمية في الطريق التجارية اﻷساسية بين تركيا ومناطق شرقي وشمالي سوريا، وطريق النفط بين شرق حلب وغربها وإدلب، هذه الطريق التي يسيطر عليها اﻷكراد، والتي يحققون منها عوائد مالية يومية كبيرة، وتعتبر مع بلدة (تلرفعت) هدفاً عسكرياً واقتصادياً رابحاً، أضف إلى المكاسب السياسية لفتح هذه الجبهة من قبل النظام في ظل ضعف فصائل الجيش الحر هناك.وفي تفصيل اقتصادي مهم، فإن المنتجات التركية الموجودة أصلاً في السوق السورية في مناطق سيطرة النظام، ستجد لنفسها متنفذاً أوسع، بما يعنيه ذلك من وصول أوسع وأسرع عبر البر لمختلف المناطق، وأيضاً لدول الجوار باستعادة نشاط مرور هذه المنتحات وتحقيق مكاسب متبادلة، في ظل ترتيبات سياسية وعسكرية تؤدي إلى تجميد ما تبقى من جبهات ساخنة.وهكذا تكون الفرصة السانحة أمام النظام غير مسبوقة، لتقاسم غلال التحولات الاستراتيجية الكائنة والمتوقعة، في وضع فوضوي معقد أتعب جميع اﻷطراف المحلية واﻹقليمية والدولية باستثناء الولايات المتحدة، التي ظهر لكل ذي بصر وبصيرة أنها ضحكت عليهم جميعاً، وأنها لابد أن تجر إلى المستنقع السوري بكل التكاليف والموجبات، أو أن تخرج منه نهائياً، هي وعملائها.وربما يكون المخرج أمام المأزق اﻷمريكي، بالقيام بما ترددت عن القيام به في مثل هذا اليوم من عام 2013، وهو ضرب بشار اﻷسد على جريمته التاريخية بقصف المدنيين في الغوطة الدمشقية بالسلاح الكيميائي، فأن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، ولو من الباب الخلفي وبذرائع ليست بعيدة عن المتناول، ليستكمل بذلك (أوباما) خلط اﻷوراق من جديد بجعلنا نصفق له على احتفاظه بورقة التوت التي يستر بها عورته بعد أن تعرى الجميع.


المصدر: الانعكاسات السياسية والاقتصادية والعسكرية المتوقعة لحرب النظام على اﻷكراد

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك