مايو 4, 2024

تسعى الميليشيات الشيعية، التي يوالي بعضها إيران وساعدت بغداد على الإطاحة بتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، لتحويل مكاسبها العسكرية في الحرب ضد التنظيم إلى سلطةٍ سياسية أكبر بالانتخابات البرلمانية المقررة إقامتها في الربيع القادم.

وكانت العديد من المجموعات المسلحة قد تعهّدت على مدار الأسبوعين الماضيين، بتسليم السيطرة على أسلحتها ومقاتليها إلى الحكومة العراقية. ويمنع القانون العراقي أفراد الميليشيات من المشاركة في النشاط السياسي، وفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

وقال نعيم العبودي، المتحدث باسم ميليشيا عصائب الحق، المدعومة من إيران: “الآن نمارس السياسة. وحل الذراع العسكرية خطوة للحفاظ على نفوذ الحكومة والقوات الأمنية وحمايتهما”.

وتثير هذه التحركات القلق بين العراقيين، ومن ضمنهم بعض السنّة والأكراد والشيعة، الذين يريدون المساعدة على منع إيران من توسيع نفوذها الكبير بالفعل في البلاد.

ويبدو أنَّ إيران وحلفاءها، وضمن ذلك بعض الميليشيات العراقية، من بين أكبر المستفيدين من الحرب ضد المتطرفين السنّة في تنظيم داعش. وقد ضغطت الولايات المتحدة، التي طالما تنافست مع طهران على النفوذ في العراق، على الحكومة العراقية للحد من دور الميليشيات التي تدعمها إيران.

واحتشدت الميليشيات، التي يغلب عليها الشيعة، لمحاربة داعش عندما انهارت قوات الأمن العراقية جزئياً خلال الهجوم الذي شنه التنظيم المتطرف عام 2014 شمال البلاد. لكن بعض الميليشيات كانت تتصرف في بعض الأحيان بشكلٍ مستقل عن سلطة الدولة خلال الحرب.

ثم عادت قوات الأمن العراقية إلى الانتظام من جديد بدعمٍ من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وسعى حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي الشيعي، إلى تهميش الميليشيات التي اتُّهم بعضها بارتكاب انتهاكاتٍ ضد السنّة في الأراضي التي ساعدوا على تحريرها من قبضة داعش.

ومع ذلك، فقد اكتسبت الميليشيات، المعروفة باسم قوات الحشد الشعبي، قوةً أكبر، واستولت على الأراضي، وحظيت باحترام عددٍ كبير من العراقيين. ويبلغ عدد أفراد تلك الميليشيات الآن نحو 140 ألف مقاتل.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، زادت الميليشيات وجودها بالقرب من كردستان العراق، بعد أن ردَّت الحكومة العراقية على استفتاء استقلال إقليم كردستان عبر دفع القوات الكردية إلى خارج الأراضي المتنازع عليها التي ضمتها بالفعل بعد طرد داعش.

نظرياً، من المفترض أن قوات الحشد الشعبي مسؤولة أمام الدولة؛ إذ أصبحت فرعاً قانونياً من الجهاز الأمني العراقي ​​في عام 2016. ومع ذلك، غالباً ما تُوالي فصائل تلك القوات قادتها.

وقال ريناد منصور، الزميل الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس: “ليست المشكلة في أنَّ هناك ميليشيات مشابهة، لكن هناك انقسام في الولاءات. حين يكون الوضع مناسباً لهم يخْلصون للدولة، وحين لا يكون مناسباً يُعادونها”.

وتسعى الميليشيات الآن إلى منافسة العبادي، الذي تدعمه الولايات المتحدة في محاولته لإعادة انتخابه رئيساً للوزراء. وتعتمد عملية الانتخاب هذه على ترشيح أكبر كتلة في البرلمان لرئيس الوزراء، الذي يجب أن يحظى بتأييد ثلثي المجلس المكون من 328 عضواً، إن أراد الفوز بالمنصب.

alraq

هذا بينما يسعى العبادي إلى كبح نفوذ الميليشيات في السياسة، لكنَّ خياراته محدودة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالميليشيات الأقدم والأكثر قوة، التي يرتبط العديد منها بعلاقاتٍ وثيقة مع إيران.

وقال مايكل نايتس، الزميل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى: “لن يكون قادراً على كبح قوات الحشد من جديد. إنَّه تصرفٌ مراوغ ومؤقت يحاول إبقاء قوات الحشد بعيداً عن السياسة، وسيكون هذا مستحيلاً”.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد حثَّ العراق في وقتٍ سابق من هذا الشهر، على حل الميليشيات.

ورحبت الغالبية الساحقة من السنّة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش، بطرد المسلحين بأي تكلفةٍ كانت، لكنَّ بعضهم يخشى تزايد قوة الميليشيات الشيعية.

ويشكك الكثيرون في نوايا الميليشيات، رغم وعود القادة الأخيرة بالتخلي عن السيطرة على أتباعهم المسلحين. وقال أحمد المصري، أحد كبار المشرعين السنّة: “نعتبره تكتيكاً للفوز بالانتخابات القادمة”.

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك