مايو 17, 2024


إنترناشيونال بيزنيس تايمز : التقرير
أعلن تنظيم جبهة النصرة الجهادي القوي في سوريا، الأسبوع الماضي، قطع علاقاته مع تنظيم القاعدة، وأطلق على نفسه اسمًا جديدًا، وهو جبهة فتح الشام.
وقال أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، في مقطع فيديو بثته قناة الجزيرة، أن التنظيم الجديد ليس تابعا “لأي كيان خارجي”، وسيسعى إلى الاتحاد مع جميع الفصائل، من أجل توحيد صفوف المجاهدين، والإطاحة بنظام بشار الأسد.
وطالبت فصائل المعارضة المسلحة، التي تقاتل إلى جانب جبهة النصرة بانفصالها عن تنظيم القاعدة، التنظيم الذي يعتبره معظم السوريين تنظيمًا أجنبيًا ومتطرفًا. وربما تأمل جبهة النصرة بعد هذا التنازل في تعميق التعاون مع قوى الثورة، ما قد يعرقل خطط توسيع التعاون العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا ضد التنظيم الجهادي.
وعلى الرغم من الانفصال المعلن، فإن المحللين يقولون أن التنظيم الجديد سيشارك القاعدة العنف والأهداف الانتقالية، والفكر السلفي الجهادي المتطرف، وقال تشارلز ليستر، وهو زميل معهد الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب عن الثورة السورية، في حديث له مع الإذاعة العامة”
“لا يختلف تنظيم فتح الشام كتنظيم جهادي عن جبهة النصرة. إنه لا يزال مؤيدا لنفس الأعراف المتطرفة؛ ولا يزال يسعى لنفس الأهدف طويلة المدى؛ ولا يزال يحتفظ بعشرات الشخصيات التابعة لتنظيم القاعدة.”
ويتساءل بعض المحللون عما إذا كان التنظيم، قطع علاقاته بالتنظيم الرئيسي بالفعل، وأشار توماس جوسلين، وهو زميل مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، في مجلة لونج وار، أن الجولاني لم يحل بيعته لقائد تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري علنا، وربما لا يزال مواليا له.
كما أن الجولاني لم يذكر تنظيم القاعدة بشكل واضح في الفيديو، ولكنه قال إن النصرة لم تعد تابعة لأي “كيان خارجي”. ووفقا لجوسلين، فإن القاعدة لديها كوادر قيادية كبيرة وعدد كبير من العناصر داخل سوريا، ما يعني أن القاعدة ليس “كيانا خارجيا” في البلاد.
وهناك دليل آخر على هذا الأمر، وهو أن أحمد سلامة مبروك، الذي كان جالسا إلى يمين الجولان، هو جهادي مخضرم له علاقات مع الظواهري، وقد تم الاستيلاء على حاسوبه الشخصي عام 1998، وأطلقت عليه الاستخبارات المركزية الأمريكية اسم “حجر رشيد” القاعدة.
ووافقت القيادة المركزية لتنظيم القاعدة على تحول جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، الأمر الذي كان الجولاني حريصًا على التأكيد عليه ومدح الظواهري بسببه في تصريحه المتلفز. وهذا يوحي بأن التنظيم الجديد لا يزال “مدينا بالفضل” للتنظيم الرئيسي، وفقا لسام هيلر، وهو كاتب ومحلل مقيم في بيروت وتركز أبحاثه على الثورة السورية.
تعاون أكبر
ومع ذلك فإن خلق انطباع بأن النصرة لم تعد مرتبطة بالقاعدة، قد يكون مفيدًا بالنسبة للتنظيمين، كما يقول محللون. فبالنسبة للنصرة تعد هذه فرصة لتعاون أكبر مع قوى المعارضة، وربما أيضا يحدث اندماج بينها وبين حركة أنصار الشام الجهادية القوية.
وإذا قامت الولايات المتحدة باستهداف التنظيم بعد ذلك، وتسبب هذا في مقتل مقاتلين من حلفائها ومن المدنيين، فستتمكن جبهة النصرة من تصوير الولايات المتحدة كعدو للمعارضة كلها، بدلًا من الجهاديين فقط، ومن استخدام هذه الصورة للحصول على الدعم وترسيخ وجودها كمعارضة ثورية.

بالنسبة للقاعدة، فإن قطع العلاقات مع الجبهة يساعد في الحفاظ على “استمرارية وجود جبهة النصرة على المدى الطويل كما يحافظ على أهدافها الاستراتيجية الجهادية”، كما يقول ليستر. وتشمل هذه الأهداف إنشاء إمارة إسلامية في جنوب سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة، وتهيمن فيه جبهة النصرة وأحرار الشام، ثم تأسيس الخلافة في النهاية.
ويمكن للتعاون الوثيق مع الجهاديين أن تكون له نتائج عكسية على الثوار السوريين المحاصرين. فلن يقتصر الأمر فقط على جعلهم أكثر عرضة للقصف الروسي والأمريكي، بل سيزيد أيضا من اعتمادهم على جبهة فتح الشام كحليف عسكري ضد نظام الأسد.
وهذا على الأرجح هو ما يرمي إليه التنظيم، كما يقول محللون. في ورقة بحثية له تتناول جبهة النصرة قبل إعلان الجولاني، حذّر ليستر من أن أي انفصال عن القاعدة “يجب أن تتم قراءته كمناورة سياسية ذكية تهدف إلى حصر السوريين في علاقة التكافل مع التنظيم”.
من خلال بناء التحالفات مع قوى المعارضة الأخرى، واستعراض القوة العسكرية ضد النظام وتقديم خدمات للسوريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وسعى الجهايون إلى كسب القلوب والعقول وجعل الثوار والمدنيين “معتمدين” عليهم، كما قال.
لكن يعتقد ليستر، أن النصرة تمثل “التحدي الأكبر” للمعارضة، فهي “ذئب في ثياب حمل” يستغل الثورة السورية لبناء دولة إسلامية وتأمين قاعدة لمهاجمة الغرب من خلالها.
“إنه تنظيم إرهابي لا علاقة له بالثورة السورية”
كما يتشكك كثير من النشطاء السوريين المعارضين للأسد في نوايا التنظيم. وفي محادثة عبر البريد الإلكتروني، قالت رفيف جويجاتي، مديرة مؤسسة إحياء المساواة والتعليم في سوريا، إن الهدف الأخير للنصرة “هو بناء ديكتاتورية أخرى – دولة إسلامية – مكان الديكتاتورية الحالية”.
ويصف مغرد على موقع “تويتر” تحت اسم “الحليم”، التنظيم بأنه “سلاح ذو حدين”، فربما يثبت على المدى الطويل أنهم أكثر خطورة من تنظيم الدولة، كما يقول، لأنهم يحظون بقاعدة شعبية كبيرة وهم مندمجون تماما في المجتمع السوري في بعض مدن جنوب سوريا.

كما يعتقد وائل العجي، المتحدث باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومقرها في لندن، أن جبهة النصرة تمثل تهديدا للقيم الأصلية للثورة، وقال عبر البريد الإلكتروني، “إنه تنظيم لا يؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة وحرية التعبير وحرية العقيدة”، مضيفًا: “إنه تنظيم إرهابي لا علاقة له بالثورة السورية” .
وتقول منظمة العلجي، إن جبهة النصرة قتلت مئات المدنيين منذ بداية الصراع، من بينهم نساء وأطفال، كما تم اتهامهم أيضا بارتكاب مذابح وتفجيرت بالسيارات الملغومة واغتيالات وإعدامات دون محاكمة وتعذيب وخطف.
كما أن مجتمعات الأقليات في سوريا هي الأكثر عرضة لتهديدات التنظيم. فالمدنيون العلويون والمسيحيون والدروز والأكراد قد تم استهدافهم وقتلهم من قبل جبهة النصرة، بالإضافة إلى من يزعمون أنهم مثليين أو نساء ارتكبن جريمة الزنا.
ويخشى الكثيرون من أن الجهاديين يمثلون تهديدا وجوديا لهذه المجتمعات. فقد حث الرجل الثاني في قيادة التنظيم، سامي العريدي، في يونيو الماضي أتباعه قائلا: “تعاملوا مع (العلويين) كما تتعاملون مع المرتدين” – ما يعني أنه يجب قتلهم. كما صرح الجولاني أيضا بشكل علني أن العلويين سيكونون بأمان في سوريا إذا تخلوا عن دينهم.
لقد تسببت وحشية وتطرف النصرة في تهميش السوريين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أيضا. ففي معرة النعمان، وهي مدينة تقع في الشمال الغربي، فرّق التنظيم احتجاجات الثوار وداهموا مقرات الجيش السوري الحر في مارس، ما أثار تظاهرات استمرت لمائة يوم ضد الجهاديين. ولن تحظى النصرة بقبول لدى السوريين الذين يقاتلون من أجل دولة حرة وديمقراطية.
وساهم قرار “وقف الأعمال العدائية” بوساطة الولايات المتحدة وروسيا في خروج هذه التظاهرات، التي أدت إلى أكبر خمس تظاهرات ضد الأسد منذ سنوات. ووفقا لليستر، فقد أظهرت فترة الهدوء النسبي هذه في إظهار ضعف جبهة النصرة:
“فموقع التنظيم كعضو مقبول في الثورة كان يعتمد بشكل كبير على قدرته على استعراض قيمته العسكرية في قتال نظام الأسد. وبعد هدوء الصراع بشكل كبير، أصبحت جبهة النصرة عاجزة تقريبا بين عشية وضحاها، ما أعطى القوة للأغلبية العظمى من المعارضة، التي تعتنق قيما مغايرة تماما لتفسير القاعدة المتطرف للإسلام”.
وتعتقد جويجاتي، أن التنظيمات الجهادية مثل النصرة لن تحظى أبدًا بقبول السوريين الذين يقاتلون من أجل بلد حر وديمقراطي. حيث قالت: “أولئك الذين يؤيدون أهداف الثورة يدركون أنه لا يوجد ديكتاتور – سواء كان حليق الذقن ويرتدي ملابس غربية، أو كان ملتح بثياب واسعة – سيؤيد روح وطبيعة ثورتنا”.
وتابعت “القيم الجوهرية في الثورة هي الحرية والكرامة والديمقراطية لكل السوريين، بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أو السياسية أو عرقهم أو خلفيتهم الاجتماعية”.



الخبر كاملا هنا: إنترناشيونال بيزنيس تايمز : (القاعدة) في سوريا.. هل يمكن لتنظيم (جبهة النصرة) تغيير مواقعه؟

انشر الموضوع