أبريل 26, 2024

أويل برايس: ترجمة صحيفة التقرير
لا يخفى على أحد أن روسيا تبذل جهودًا متزايدة من أجل تطوير علاقاتها مع إيران، التي تقوم أساسًا من الناحية الاقتصادية على تطوير وإعادة هيكلة قطاعي النفط والغاز الإيرانيين، وهو ما يمثل فرصة حقيقية للشركات النفطية الروسية التي تلقت صفعة مؤلمة بعد تسليط عقوبات اقتصادية عديدة على روسيا بسبب انتهاكاتها في شبه جزيرة القرم، ومما يثير الدهشة؛ أن روسيا لن تتردد في الدخول في علاقات شراكة مع أي طرف في المنطقة بهدف خدمة مصالحها الاستراتيجية.
وقد شهد الأسبوع الماضي حدثين مهمين، أولاً؛ توصلت شركة بناء السفن والمنصات البحرية الروسية، كرسنيي بريكادي إلى اتفاق مع الحكومة الإيرانية لبناء خمس منصات تنقيب بحرية في الجنوب الإيراني، ويشمل هذا الاتفاق تفويض صلاحيات الإشراف على المشروع للحكومة الإيرانية، ثانيًا؛ جمدت شركة روزاتوم المملوكة من طرف الدولة الروسية، اتفاقها مع الرياض للمساهمة في بناء 16 مفاعلاً نوويًا في المملكة السعودية، بميزانية بلغت قيمتها 100 مليون دولار، وتمتد أشغال بناء المشروع على 20 سنة، على أن يصبح أول مفاعل جاهزًا خلال ستة سنوات.
من جهة أخرى، احتضنت أنقرة منذ يومين اجتماعًا مع مسؤولين روس في مؤسسة غازبروم، للتوصل إلى اتفاق حول إعادة تفعيل اتفاق أنبوب الغاز الذي يربط بين تركيا وروسيا، بعد إسقاط القوات التركية للطائرة الروسية قبل أشهر قليلة، وبعد أن قدمت تركيا اعتذارًا رسميًا لروسيا، يبدو أن قوانين لعبة الغاز في منطقة الشرق الأوسط ستشهد تغييرات جديدة.
إن التملق المتبادل بين إيران وروسيا في الفترة الأخيرة، يمكن تفسيره بالمصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة للبلدين، ويجزم بعض المراقبين أن هذه العلاقة التي تقوم على المصالح المشتركة لا يمكن أن تدوم طويلاً؛ نظرًا للعلاقات التاريخية المشحونة بالتوترات بين البلدين، وستؤدي حتمًا إلى دعم نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط على حساب اللاعبين الآخرين.
إن التعاون العسكري بين روسيا وطهران يعتبر أبرز الشواهد على أن العلاقات بين البلدين دخلت مرحلة جديدة، بعد أن قامت روسيا خلال الأيام القليلة الماضية، بتنفيذ هجمات ضد أهداف في سوريا انطلاقًا من قواعد إيرانية، وقد أثارت هذه العمليات جدلاً كبيرًا في إيران بعد أن اعتبرت المعارضة الإيرانية أنها “غير دستورية”.
ويعتقد مراقبون محليون أنها ليست المرة الأولى التي تستعمل فيها روسيا قواعد إيرانية لتنفيذ هجمات عسكرية، بغض النظر عن المبررات التي تحاول تقديمها.
وتتعامل روسيا مع كل دولة في الشرق على قياس مصالحها، ورغم أن العلاقات بين إيران والمملكة السعودية تحكمها التوترات الإقليمية، فإنّ موسكو تحاول المحافظة على علاقات جيدة مع الرياض، دون التطرق لمسألة علاقاتها الاستراتيجية مع إيران، وكذلك بالنسبة لتركيا، حيث تسعى روسيا إلى المحافظة على علاقاتها مع أنقرة دون إلحاق الضرر بمصالحها مع إيران التي تشهد علاقاتها بتركيا منذ فترة توترات عديدة، خاصة فيما يتعلق بموازنات الحرب السورية، وتهدف روسيا من وراء ذلك إلى خدمة مصالحها في المنطقة، قبل مصالح حلفائها أو شركائها، وفي الحقيقة، إن مَن يسيطر على خارطة الطاقة في الشرق الأوسط، يصبح قادرًا على تغيير موازين القوى في المنطقة.
وقد علّق أحد الخبراء الروس على التطورات الأخيرة، معتبرًا أن التقارب بين روسيا وإيران ليس سوى البداية، وقد تشهد الأيام القادمة تطورات جديدة، وتشكل إيران حليفًا رئيسيًا لروسيا في الشرق الأوسط، ليس فقط بسبب نظرتهما المشتركة للحرب السورية، ولكن أيضًا بسبب مواردهما الطاقية.
فيما يعتقد البعض أن إيران يمكن أن ينافس روسيا في السوق العالمية للطاقة في المستقبل، لكن العلاقة بينهما قد تبقى على المدى البعيد أو المتوسط علاقة شراكة تقوم أساسًا على مفهوم التعاون في سوق الغاز؛ نظرًا لتقاسمهما نفس الأهداف الإستراتيجية في الشرق الأوسط.
وإذا عرفت الأيام القادمة نهاية الأزمة السورية، فقد تظهر معادلات جديدة في الشرق الأوسط، تدعم موقف روسيا.
اقرا:
     بوتين: المصالح الروسية والتركية بدأت تتوافق حيال القضية السورية



المصدر: أويل برايس: أهداف بوتين في الشرق الأوسط تتجاوز أطماع روسيا في الذهب الأسود

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك