مايو 19, 2024

رزق العبي: كلنا شركاء
عاد أهالي ريف إدلب إلى السكن في بيوت الطين التي تركوها قبل نحو عشرة سنوات، وذلك لدرء البرد الشديد، وتهدّم العديد من الأبنية نتيجة القصف.
وصارت تنتشر ورشات خاصة لترميم تلك المنازل، التي كانت منتشرة وبكثرة في ريف إدلب، خصوصاً وأنها كانت مكاناً يتسع للأهل والجيران وأحاديث الشتاء.
ويقول الحاج “أبو علي” (70عاماً) عن مراحل بناء بيت الطين القديم والذي يسمى في ريف إدلب ببيت (الغمس): “انتهى عصر بناء بيوت الطين تقريباً في بداية الستينات وقد شاركت في بناء بعضها في تلك المرحلة، حيث كان الناس في تلك الأيام تهبّ لمساعدة أي شخص ينوي بناء بيت، وتتساعد حتى في إحضار الطعام والشراب للعمال، حتى العامل المختص (المعمار) لم يكن يتقاضى أي أجر مادي وقتها”.
تقسم مراحل البناء، بحسب الحاج “أبو علي” إلى:
مرحلة بناء الركائز: تُبنى الركائز في أربع زوايا على ارتفاع متر واحد تقريباً وبسماكة تتجاوز المتر ونصف من أحجار كبيرة نسبياً، ويوضع بينها التراب لتسد الثغرات، ثم تبنى أربع جدران تصل بين الركائز وبنفس الارتفاع ليصبح البناء الحالي على شكل مربع.
مرحلة القالب المخروط: بعد أن تتماسك الركائز والجدران مع بعضها يتم وضع التراب في وسطها ليصبح على شكل مخروط هرمي، وبالارتفاع الذي سيحدد ارتفاع البناء النهائي، ويرشّ فوقه الماء لكي يتماسك ولا ينزلق للأسفل، وهو ينوب عن القالب الخشبي في يومنا هذا.
مرحلة حجر الطين أو الغمس: بعد أن يصبح التراب بشكل مخروطي يتم رصف أحجار الغمس بشكل متساوي على ظهر هرم التراب وهي أحجار معينة يعرفها القديمون وتكون سماكة الحجر أكثر من 30 سم، ويوضع بينها الطين لكي تتماسك، والطين في تلك الأيام عبارة عن خليط تراب وتبن وماء، وفي بعض الأحيان يوضع بدل التبن مادة الطريش، وكان الناس يحضرونها من منطقة الغاب.
مرحلة الغلق: بعد أن يكتمل بناء أحجار الطين (الغمس) يتبقى مكان لحجرة واحدة في قمة المخروط، فيقوم البناء بتنجير حجر تتناسب تماماً مع حجم الفراغ وينزلها في مكانها بشكل محكم بواسطة ضغطها بمطرقة البناء “المهدة”، ومهمة حجر الغلق هي الضغط على باقي الأحجار كي تكون بنياناً واحداً بدون فراغات، وكي لا تسقط بسبب وزنها.
مرحلة استكمال الجدران والسقف: يتم استكمال بناء الجدران التي تصل بين الركائز الأربعة وتماماً بارتفاع حجر الغلق، ويتم وضع التراب والأحجار الصغيرة في الفراغ الذي نشأ بين الجدران وأحجار الغمس المخروطية، ويتم تسويتها بمستوى حجر الغلق، ووضع الطين فوقها، وهكذا نكون انتهينا من الجدران الخارجية والسقف.
ويتابع “أبو علي” ابن السبعين عاماً، وهو أحد أبناء ريف إدلب الجنوبي:
تأتي مرحلة التفريع: بعد أن يكون تماسك السقف مع الجدران مع أحجار الغمس من الداخل يتم سحب التراب المخروطي الذي تم وضعه في البداية لينوب عن القالب إلى الخارج ليكون البيت بهذا الشكل قد اكتمل من ناحية البنيان.
مرحلة التسييع: وهي تعبئة الأحجار من الداخل والخارج بنفس مادة الطين لإعطائها القوة والشكل الانسيابي المستوي، وهي تعادل مرحلة اللياسة في يومنا هذا، ومن ثم يتم تسوية أرضية البيت بمادة الطين وتسييعها أيضاً ويتم ترك ما يقارب المتر مربع عند الباب وتسمى العتبة وفيها مصرف المياه.
المرحلة الأخيرة “التحوير”: وهي دهان الجدران من الداخل بمادة الحوارة، وهي خليط من حجر الحوارة القابل للمزح مع الماء ليعطي مادة سائلة لونها أبيض.
وتشتهر تلك البيوت ببرودتها صيفاً، ودفئها شتاءً، ولها في منتصف البيت، جدار سميك، يوضع في داخله القمح كمخزون شتوي، وكان للبيت خدرٌ تجلس النساء فيه، والرجال يجلسون في المضافة.




المصدر: أهالي ريف إدلب يرممون بيوت الطين ويسكنوها

انشر الموضوع