أبريل 29, 2024

كلنا شركاء: محمد نمر- النهار
52 ألف متر مربع مساحة بلدة لبنانية منسية في أقصى شرق سلسلة جبال لبنان، يسكنها حالياً نحو 15 شخصاً فقط، بعدما تحوّل سكانها اللبنانيون إلى لاجئين في وطنهم. هناك في بلدة الطفيل منازل فارغة وأراض اشتاقت الى مزارعيها، وفي ظل الحديث عن تسويات مع “حزب الله” لاعادة لاجئي القلمون إلى بلداتهم، يسأل ابن الطفيل: أليس الأولى اعادة اللبنانيين إلى قريتهم؟
أهم ما ورد على لسان أهالي الطفيل هو موقفهم اللافت تجاه “حزب الله”، ويقولونها صراحة: “نريد العودة و”حزب الله” جزء منا ولا حياة في الطفيل من دون تواصل مع الحكومة السورية”، فأهالي هذه البلدة الذين تم تصنيفهم على أنهم مؤيدون للمعارضة السورية مستعدون للتعاون مع الحزب على أمن البلدة، وطالما أن “القاضي راضي” لماذا يؤخر الحزب حل هذه الأزمة وهل هناك قرار بتعليق هذه القضية لمصالح عسكرية؟ أما ما يبحث عنه الأهالي اليوم فهو موعد مع رئيس الحكومة سعد الحريري لتبني قضية اعادتهم، خصوصاً أن وزارة الاشغال خصصت ميزانية لوصل البلدة بوطنها عبر طريق يبلغ طولها نحو 10 كلم، وحتى لو لم تكن المسافة كافية فان الأهالي راضون.
هذه البلدة التي يحدها من الشمال منطقة عسال الورد السورية، ومن الجنوب سهل رنكوس والشرق حوش العرب، يبلغ تعداد سكانها نحو 4200 نسمة، 700 منهم سوريون، و3500 من اللبنانيين، أما عدد المقيمين من اللبنانيين قبل الأزمة نحو 2000 شخص، وفيها 800 ناخب يصوّتون بأكملهم لنواب “حزب الله”. ولا خدمات لبنانية لهذه البلدة، وما يربطهم بلبنان هو الهوية فقط، أما الكهرباء والمياه والمدارس والطبابة فهي من سوريا، نظراً إلى قرب عسال الورد إليها ويقولون عن المسافة “ضربة حجر” مقابل نحو 22 كلم إلى حام اللبنانية و37 كلم إلى بعلبك.
مستجدات طاولت هذا الملف، تحدث عنها مفتي بعلبك الهرمل السابق الشيخ بكر الرفاعي لـ”النهار”:
“أولاً: بعد التعويض على المزارعين في عرسال تكفلت الهيئة العليا للاغاثة بالتعويض على اهالي الطفيل عن الأشجار المثمرة وحصلنا عليه من اللواء محمد خير والرئيس تمام سلام.
ثانياً: وزارة الأشغال أقرت 10 كلم من الطريق الترابية التي تربط لبنان بالطفيل بالخطة الاثني عشرية في 2016، فيما يبلغ طول الطريق نحو 20 كلم وهذه المساحة التي أقرت تساعدنا في حال أتمت من لبنان باتجاه الطفيل وليس العكس.
ثالثاً: في العام 2015 زرنا الطفيل ضمن وفد من 70 شخصاً بهدف ايصال مساعدات واضطر حينها الأمن العام أن يستحدث نقطة لندخل من بلدة لبنانية الى أخرى، وللأسف تم وضع اسماء الأشخاص الذين زاروا بلدتهم على الحدود اللبنانية – السورية، لهذا نريد للدولة ان تتحرك لتسهيل مرور كل ابناء الطفيل.
رابعا: هناك تفاوض قائم على عودة عدد كبير من اللاجئين السوريين في عرسال وجردها إلى القلمون ضمن تسوية مع النظام و”حزب الله”، فمن الاولى أيضا ان تتطرح تسوية بشأن لبنانيي الطفيل”.
اضافة إلى حال البلدة وموقعها والاهمال الذي شملها، يلاحق الأهالي قضية تمنعهم من العبور إلى بلدتهم من جهة لبنان، فجرود البلدة شهدت اختطاف ياسر ابن رئيس بلدية بريتال السابق علي غنام اسماعيل ولا احد يعرف مصيره حتى اليوم، وهناك أيضاً معطيات عن مقتل شخص في جرود البلدة، ويقول إمام الطفيل الشيخ أحمد الأغا لـ”النهار”: “نحن ضد الاقدام على هذه الأفعال ولو اقدم شبان من البلدة على هذا الفعل فنحن مع محاكمتهم”.
الأغا واضح في كلامه، وعلى الرغم من اتهامهم بأنه يدعم ثوار المعارضة السورية يقول: “لا مشكلة لدينا بوجود الحزب وهو جزء منا، وهو حالياً يمسك بأمن البلدة وكل ما يتعلق بهذه البلدة يرتبط بقرار من حزب الله الذي أيضاً يمسك أمن عسال الورد السورية التي يعيش فيها نحو 100 لبناني من الطفيل”.
إذا تم انجاز العمل بالطريق يعود الأهالي؟ يجيب: “بالنسبة إلينا إذا لم تكن الطفيل على اتصال مع سوريا فلا نستطيع أن نعيش، لأن الكهرباء والمياه والاتصالات وكل خدماتنا من سوريا، ولا مشكلة بالتواصل مع النظام وحزب الله. وعندما كانت الحياة نظامية كانت الأمور جيدة وأولادنا يتعلمون وكنا مرتاحين”.
الأغا لديه 7 شبان تخرّجوا من جامعة دمشق، 4 منهم بالجيش اللبناني، واتهم بأنه يدعم المعارضة. لكنه ينفي كل ما يشاع عنه ويقول: “فليثبتوا ذلك. كنت أرفض أي عمل يقوم به هؤلاء، ولا أحد أعلن الجهاد للاعتداء على حرمات الناس. عندما نزح السوريون إلى البلدة لم يعد هناك امكانات للتحكم فخرجت من الطفيل وعندما عدت كان ذلك من أجل عمل انساني”.
ويشدد على أن “لا مشكلة لدى الأهالي بالعودة وأن تبقى البلدة تحت سيطرة أمن حزب الله والنظام، وقبل الأزمة كنا نعطي كل أصواتنا لنواب الحزب لأنه جزء منا ولدينا تواصل مع بريتال وصلة قرابة”.
يشارك مختار البلدة علي الشوم، الأغا والرفاعي بالرأي نفسه، ويقول: “لا مشكلة لدينا مع الحزب حتى لو أراد أن يكون معنا داخل البلدة وليس على حدودها فحسب. و نحاول عبر دار الفتوى أن ننجح في تسوية تعيد الأهالي مع قدوم فصل الربيع أو خلال هذه السنة وننتظر الرد، فما تم تأمينه لنا قبل الأزمة من سوريا بمساعدة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لم نكن نحلم به”.
المصدر: أهالي الطفيل المنسيّون: أعيدونا حتى لو حكمنا (حزب الله) والنظام!

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك