مارس 29, 2024

أيعقل أن يكون لشخص قبران؟ هذا ما حصل في أسطورة “قلب سليمان القانوني الضائع“…

حسان أبوصلاح: ام بي سي
تحولت الأسطورة التي توارثتها الأجيال قرابة 5 قرون في شرق أوروبا إلى “حقيقة“. أخيراً وجد باحثون مجر وأتراك لاحقوا خيوط أسطورة “قلب سليمان الضائع” على مدى 7 أعوام، القبر السري للخليفة العثماني “سليمان العظيم” كما يلقبه الأوروبيون.
وفيما حققت باحثة الآثار المجرية ايريكا هانش حلمها، منذ بدأت رحلة البحث في يوليو 2009 عن “قلب سليمان” في جنوب المجر بدعم مؤسساتي تركي، أعلن نائب رئيس الوزراء التركي ويسي قايناق، أمس الأربعاء، أن علماء أتراك ومجريين اكتشفوا مكان دفن أحشاء السلطان سليمان القانوني، الذي توفي خلال محاصرة قلعة “سيكتوار” بالمجر عام 1566.
وأوضح في تصريح صحفي خلال زيارته للمجر أن اكتشاف القبر، جاء نتيجة دراسات أجرتها “وكالة التعاون والتنسيق التركية” (تيكا)، التابعة لرئاسة الوزراء التركية، مضيفا: “هذا المشروع مولته وكالة تيكا، وشارك فيه أيضا علماء من المجر“، بحسب وكالة الاناضول.
بدوره، أشار المشرف على المشروع، البروفيسور علي أوزاي بَكَر إلى أنهم توصلوا إلى بعض الأدلة خلال أعمال الحفر التي جرت العام الماضي، مضيفا: “أعمال الحفر التي أجريناها أثناء شهري يونيو ويوليو من هذا العام… اكتشفنا خلالها القبر والزاوية والمسجد اللذين كانا في جواره، وهكذا نكون قد اكتشفنا قبر السلطان سليمان القانوني بشكل قطعي“.
ومع أن جثمان القانوني حُمل إلى القسطنطينية لدفنه، إلا أن قلبه بقي مدفوناً مع بقية أعضائه الداخلية (يعتقد 3 أعضاء) في صندوق ذهبي تحت الخيمة التي توفي فيها قرب قلعة “سيكتوار” المجرية.
وكان البروفيسور في الجغرافيا السياسية في جامعة بيكس نوربرت باب تتبع على مدى الأعوام الأخيرة الماضية الضريح الضائع لقلب السلطان سليمان.
وكأغلب الهنغاريين ترعرع باب وهو يسمع قصة حصار سيكتوار وأسطورة ضريح سليمان المفقود، عن ذلك يقول: “بدأت بذلك لأنني ببساطة كنت أبحث عن تحدٍّ، أردت أن أرى إذا كان بإمكاننا حل هذا اللغز القديم عبر استخدام منهج متعدد التخصصات والعلم الثابت“.
لكن عالمة الآثار المجرية ايريكا هانز التي قادت الحفريات في كروم العنب الصيف الماضي تستبعد وجود صندوق ذهبي “ليس هنالك صندوق ذهبي، ذلك الجزء من القصة هو بالتأكيد خرافة، شيء تم ابتكاره خلال القرن الـ18 لإضافة بعض الإثارة إلى القصة“.
وتضيف: “إن كان قلب سليمان مدفوناً هنا، فسوف يكون ملفوفاً بقطعة قماش وموضوعا في صندوق خشبي“.
ويشكل اكتشاف موقع القبر المفقود أهمية رمزية كبيرة في وقت يعيد فيه الأتراك اكتشاف إرثهم العثماني، لذا مولت السلطات التركية هذا البحث بكل حماس مع موافقة الذكرى الـ450 لوفاته هذا العام (2016).
ماذا تقول الأسطورة؟
تقول الأسطورة، إن الوزير الأعظم أجبرته ظروف وفاة السلطان القانوني على الانفصال عن التقاليد الإسلامية، حيث قام بتحنيط جثة السلطان، وإعدام طبيبه والمحنطين لإغلاق أفواههم.
ومع حفظ كل من السر وجثة السلطان، أمضى الوزير الأعظم الأسابيع السبع التالية في الحفاظ على المظاهر من خلال إطلاقه للأوامر نيابة عن السلطان سليمان، وإخبار كل الزوار بأن الخليفة متوعك ولن يستقبلهم.
ونقلت جثة القانوني في نهاية الأمر إلى اسطنبول ليرتاح رفاته في الضريح بجانب مسجد سليمان.
بعد ذلك، أنشأ أبناء السلطان مزاراً على موقع الدفن المفترض. وأصبح المكان مزاراً للناس على مر القرن التالي مع إنشاء بلدة  صغيرة حوله، ازدهرت مع تدفق المسافرين إليها.
طمس
حُدّدت هذه البلدة على خرائط قديمة من ورق تحت اسم توربك، وتعني “مزار“، حيث صمدت لقرابة 120 عاماً، قبل أن يدمرها جيش منتقم من هاسبورج في عام 1693، عندما طُرد الأتراك خارج هنغاريا، ومحيت البلدة وآثارها عن سطح الأرض.
وتوفي السلطان سليمان القانوني، الذي حكم الامبراطورية العثمانية 46 عاماً خلال محاصرة قلعة “سيكتوار” (حاليا مدينة سيكتوار تقع بجنوب المجر) عام 1566، لكن خبر وفاته أخفي عن جنوده حفاظاً على معنوياتهم، وتم إخراج أحشائه وأعضائه الداخلية، ودفنها تحت خيمته، وذلك حفاظا على جسده من التلف، حيث أعيد جسده إلى اسطنبول بعد انتهاء حصار القلعة المذكورة، وتم دفنه في ساحة مسجد سليمان بحسب الرواية التاريخية.
ولأسطورة القلب الضائع أهمية كبيرة تاريخياً وجيوسياسياً، لأن المؤرخين يعتبرون أن وفاة سليمان القانوني كانت اللحظة الفاصلة بين قمة مجد الامبراطورية العثمانية، وتقهقر نفوذها التدريجي في القرون الثلاثة التي تبعتها.
وربما هناك من يقرن بين ضياع القلب وضياع المجد.
اقرأ:
كيف افترى (حريم السلطان) على سليمان القانوني؟


المصدر: أسطورة (قلب سليمان الضائع) باتت حقيقة.. العثور على القبر السري لـ(القانوني)

انشر الموضوع


اشترك بالإعلام الفوري بالاخبار الجديدة بالإيميل .. ضع بريدك