مايو 17, 2024

كلنا شركاء: الذاكرة الإبداعية

لماذا لم تتحول قضيّة سميرة الخليل، زوجتك، إلى قضّية رأي عام لدى جمهور الثورة وبقيت نسبيّا في الحيز الشخصي؟

ربما بسبب هول ما نحن فيه وكثرة المحن الشخصية والعامة. وكذلك لأن هناك كثيرين لا يريدون خسارة حلم الثورة، فإن تضامنوا مع سميرة ورزان ووائل وناظم، وأدانوا الخاطفين، شعروا أن هذا يطعن في الثورة التي استثمروا كثيرا من طاقتهم وشغفهم فيها.
وهناك أيضاً من يرون أن قضية سمرة ورزان ووائل وناظم نالت اهتماماً أكثر من غيرها، فصاروا يقاومون مزيداً من الاهتمام بها. أتصور كذلك أنه كان لي دور متناقض في هذا الشأن. فمن جهة اهتم بالقضية أصدقاء وشركاء تجمعنا ثقة وحلم مشترك، و ومن جهة هناك خصوم وأعداء يناضلون بطرقهم الخاصة وأسبابهم المتنوعة من أجل ألا يحظى الأربعة باهتمام مميز أو تكون لهم رمزية خاصة.
في النهاية تكون القضايا عامة لأن هناك من يعملون لأجل تعميمها. وأرجو أن يشارك في العمل من أجل قضية سميرة روزان ووائل وناظم عدد أكبر وبإخلاص أكبر. الأربعة هم من الرموز الأنبل للثورة، وفي قضيتهم أكثر من غيرها تتكثف قضية الثورة ومأساتها.

“كرهت كل شي”، قالت سميرة تحت الحصار في ٢٠١٣، “يسقط كل شيء” قال أهل كفرنبل في ٢٠١١، واستمرت واستمروا في الكتابة، لماذا نكتب؟

لأسباب متنوعة. منها أن الكتابة أداة مقاومة للموت، ومنها أنها مصدر لمواد من أجل العيش، وهي تلك وهذه في حالتي الشخصية. ومنها أننا نريد ألا يدوس الزمن على تجارب وخبرات شهدناها بأنفسنا ونريد تثبيتها ومشاركتها مع غيرنا.
نشعر في كل وقت أن تجاربنا الحية تتحدى كلماتنا، لكننا نصون تكاملنا وعقلنا بأن نحاول استيعاب التجارب في كلمات، وتحويلها إلى أفكار. الكتابة تفشل حين نخفق في تحقيق ذلك، والكلمات تموت. وحين تفشل الكتابة يحتمل أن ينتصر الرصاص. لذلك يجب أن ننصر الكتابة كي تنصرنا، أن نحترمها ونخدمها بأن نجتهد لتغتني كتابتنا بإحساس يختلف وتفكير يتجدد وتجارب تتغاير، بحياة تزدهر، من أجل أن تحترمنا الكتابة وتخدم الحياة.

*”لو الوطن إنسان كان حسّ فيك”، ألمُ تخلّي سوريين عن سوريين حارق، عن أي وطن مستقبلي سنتحدث؟

عن الذي حلمنا به. عن بلد نعيش فيه حياة عادية ونستطيع أن نتذمر منه ونكرهه، عن بلد لدينا جوازات سفر لنخرج منه ونعود إليه. عن بلد لا نُذلُّ فيه. عن بلد نملكه لا يملكنا. عن بلد نستطيع ان نحتقر رئيسه ونخبة الحكم فيه. وعن بلد نموت فيه وندفن فيه قطعة واحدة وفي أماكن معلومة. بلد لا يوزع فيه أحد البقلاوة احتفاء بقتل مواطنيهم المفترضين، ولا ينظر إلى بعض سكانه كحشرات وإلى غاز السارين الذي قتل 1466 إنساناً خلال ساعة كمبيد للحشرات.
عن الوطن الذي يكون إنساناً، مثلما حلمت سميرة، لا سجناً ولا مسلخاً ولا ملعب وحوش.
*جملة كتبتها سميرة في الكتاب



المصدر: أسئلة إلى ياسين الحاج صالح بمناسبة صدور كتاب، سميرة الخليل، يوميات الحصار في دوما ٢٠١٣

انشر الموضوع